* الصوم والتصلب اللويحي *

توصلت دراسة طبية أميركية حديثة إلى أن الصيام المتقطّع بمعدل مرتين أسبوعيًا، يساعد في الحد من أعراض مرض التصلب المتعدد.
وأجرى الدراسة باحثون بكلية طب جامعة واشنطن، ونشرت في دورية أيض الخلية (Cell Metabolism) العلمية.
ويحدث المرض عندما يهاجم جهاز المناعة الطبقة التي تغطي الأعصاب وتحميها والتي تعرف باسم الغِمد المياليني، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل في التواصل بين الدماغ والنخاع الشوكي وباقي الجسم، ويقود إلى حدوث أضرار دائمة في الخلايا العصبية ومضاعفات في الجسم مثل ضعف العضلات ومشاكل في التفكير والذاكرة.
وقيّم الباحثون التأثيرات العلاجية للصيام المتقطع، الذي يعتمد على خفض السعرات الحرارية التي يتناولها المرضى يوميا، لمدة يومين أسبوعيا.
وراقب الفريق مجموعة من الفئران المصابة بالتصلب العصبي المتعدد، لمدة 12 أسبوعًا، بعد أن قسموها إلي مجموعتين: الأولى تناولت طعامها المعتاد أسبوعيًا، في حين تناولت المجموعة الثانية طعامها المعتاد لمدة خمسة أيام، وتناولت في اليومين الباقيين ما يوازي خمسمئة سعر حراري من الخضراوات.
ووجد الباحثون أن المجموعة التي طبقت نظام الصيام انخفضت لديها أعراض التصلب العصبي المتعدد.
ووجد الباحثون أيضًا أن خفض السعرات الحرارية مرتين أسبوعيًا يمكن أن يغيّر البيئة المناعية للجسم وميكروبات الأمعاء النافعة، ومن المحتمل أن يغيّر مسار المرض.
بالإضافة إلى ذلك، فقد رصد الباحثون عدداً أقل من الخلايا المناعية المؤيدة للالتهابات، وعدد أكبر من الخلايا المناعية التي تحافظ على الاستجابة المناعية.
وقال الباحثون إن هناك عدة طرق ممكنة يمكن للصيام المتقطع أن يؤثر بها على الالتهاب والاستجابة المناعية للجسم، أحدها عن طريق تغيير مستويات هرمون مضاد للالتهابات.
وأضافوا أن ميكروبات الأمعاء النافعة، لا تساعدنا على هضم غذائنا وتكوين الفيتامينات والأحماض الأمينية فقط، بل تساعد على تطوير نظامنا المناعي لمهاجمة الأمراض
العلاقة بين الصيام وتحسين أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد
يمكن للأشخاص الذين يعانون من مرض التصلب المتعدد ( MS )، العثور على العديد من النصائح المتضاربة، أهمهم أن الأنظمة الغذائية الخاصة ستخفف من أعراض المرض، لكن الأدلة في هذا هزيلة، وتقوم تجربة جديدة بتقييم ما إذا كان تخفيض السعرات الحرارية بشكل كبير مرتين في الأسبوع ” الصيام “، يمكن أن يغير من البيئة المناعية للجسم وميكروبات الأمعاء ويغير من مسار المرض أم لا .
العلاقة بين الصيام وتحسين أعراض مرض التصلب العصبي المتعدديمكن للأشخاص الذين يعانون من مرض التصلب المتعدد ( MS ) العثور على العديد من النصائح المتضاربة، التي تشير إلى أن النظم الغذائية الخاصة – تجنب الأطعمة المصنعة والأطعمة الغنية بالكربوهيدرات – سوف تخفف من أعراض المرض، لكن الدليل في أن التغييرات الغذائية يمكن أن تحسن التعب أو أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد الأخرى ضعيف، وقالت لورا بيكيو أستاذة طب الأعصاب في كلية الطب بجامعة واشنطن : ” الحقيقة هي أن النظام الغذائي قد يساعد بالفعل في تخفيف أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد، ولكن الدراسات لم تكن قد تمت بعد ” .
وقد أجرت بيكيو تجربة لتقييم ما إذا كان تخفيض السعرات الحرارية بشكل كبير مرتين في الأسبوع يمكن أن تغير البيئة المناعية للجسم وميكروبات الأمعاء، وبالتالي تغير من مسار المرض أم لا، والدراسة متجذرة في بحثها الخاص الذي يبين أن الصيام يمكن أن يقلل من أعراض تشبه مرض التصلب العصبي المتعدد في الفئران .
التصلب العصبي المتعددمرض التصلب العصبي المتعدد هو ” خيانة الجسم لنفسه “، حيث يتحول نظام مناعة الشخص نفسه ضد نظامه العصبي ويهاجمه، واعتمادا على الأعصاب التي تضررت في الهجوم تختلف الأعراض بشكل كبير، ولكن يمكن أن تشمل التعب، والخدر أو ضعف في الأطراف، والدوخة، ومشاكل في الرؤية، والشعور بالوخز والألم، ويمكن أن يكون المرضى الذين يعانون من مرض التصلب العصبي المتعدد المنتكس، وهو الشكل الأكثر شيوعا، مستقرين لأشهر أو سنوات دون نوبات المرض .
ما قام به الباحثونقامت بيكيو وزملاؤها بدراسة لمدة 12 أسبوعا، حيث جمعت مجموعة من مرضى التصلب العصبي المتعدد، بقي نصفهم على نظامهم الغذائي المعتاد على النمط الغربي سبعة أيام في الأسبوع، في حين أن النصف الآخر حافظ على هذا النظام الغذائي خمسة أيام في الأسبوع ولكنهم تناولوا فقط 500 سعرة حرارية من الخضار في اليومين المتبقيين، وقالت بيكيو : ” هناك عدة طرق ممكنة يمكن للصيام أن يؤثر بها على الالتهاب والاستجابة المناعية، واحد من هذه الطرق هو عن طريق تغيير مستويات الهرمون، فقد وجدنا أن مستويات هرمون الكورتيكوستيرون المضاد للالتهابات كانت تقترب من الضعف في الفئران التي صامت يومين في الأسبوع ” .
بالإضافة إلى ذلك فقد قام الباحثون بنقل بكتيريا الأمعاء من الفئران الصائمة إلى الفئران غير الصائمة، وقد جعل هذا المستلمين أقل عرضة للإصابة بأعراض تشبه أعراض التصلب المتعدد، مما يوحي بأن شيئا ما في المجتمع الميكروبي يقوم بحماية الفئران .
حول النتائج التي توصل لها الباحثونكانت هذه النتائج مشجعة بما يكفي لبيكيو وزملائها لإطلاق دراسة أخرى تتكون من 40 إلى 60 شخصا، حيث سيخضع كل مشارك لتقييم عصبي ويقدم عينات دم وبراز في بداية الدراسة ونهايتها، وسيستمر المشاركون الذين يأخذون بالفعل أدوية قابلة للحقن من أجل مرض التصلب العصبي المتعدد في استخدام الأدوية الموصوفة لهم، وسوف يحصل أي شخص يحدث له تنكس خلال الدراسة على العلاج المناسب، وسوف يتلقى المشاركون ما يصل إلى 265 دولارا لمشاركتهم في الدراسة .
وقالت بيكيو : ” نحن لا نبحث عن فائدة سريرية، على الرغم من أننا نأمل بالتأكيد أن نرى تحسنا، لأن مرض التصلب العصبي المتعدد متقلب للغاية، والأشخاص الذين لديهم مرض التصلب العصبي المتعدد يمكن أن يكون مستقرا وخاليا من الأعراض تقريبا لفترات طويلة، لذا سنحتاج إلى دراسة ضخمة، وبدلا من ذلك ما نريد أن نعرفه هو ما إذا كان الأشخاص الذين يخضعون للصيام يحدث لهم تغييرات في عملية الأيض والاستجابة المناعية والميكروبات على غرار ما نراه في الفئران أم لا
الصيام علاج محتمل لمرض التصلب المتعددأشارت دراسة على فئران التجارب أُتبعت بدراسة علي البشر إلى أن الصيام من الممكن أن يكون علاج مبشر لأمراض المناعة الذاتية، حيث تم اتباع حمية محاكية للصيام ووُجد أنها تقوم بتنشيط عملية التخلص من الخلايا السيئة وعملية توليد خلايا صحية جديدة، حيث أشارت الأدلة إلى أن محاكاة الصيام قد يكون له فوائد صحية أخرى غير فقدان الوزن، حيث تشير الدراسة التي أقيمت في جامعة جنوب كاليفورنيا «USC» أنه من الممكن أن يقلل الصيام من أعراض مرض التصلب المتعدد، حيث اكتشف العلماء أن هذه الحمية المحاكية للصيام تنشط عمليات موت وتكوين بعض الخلايا، والتي يبدو أن لها دور مهم في عمليات بناء الجسم.
وقال البروفيسور فالتر لنجو «Valter Longo» المؤلف الرئيسي في الدراسة ومدير معهد طول العمر في مدرسة ديفيس لعلوم الشيخوخة في جامعة جنوب كاليفورنيا «USC Longevity Institute at the Davis School of Gerontology» أن الكورتيزون يُنتج أثناء الصيام وهو ما يحفز عملية قتل خلايا المناعة الذاتية الضارة ويؤدي لتكوين خلايا جديدة صحية. تضمنت هذه الدراسة تجارب على فئران وبشر يعانون من التصلب المتعدد، وتم نشرها في موقع 1 «Cell».
التصلب اللويحي أو التصلب المتعدد «Multiple Sclerosis»: هو مرض من أمراض المناعة الذاتية يصيب بشكل رئيسي الشباب ويتميز بتدمير الميالين في الجهاز العصبي المركزي2.
هذا المرض العصبي يصيب 350000 أمريكي تقريبًا، طبقًا للمعهد الأمريكي القومي للأمراض العصبية والسكتة الدماغية. وتتراوح أعراض المرض من تشوش الرؤية للشلل.
هذه هي النتائج الجديدة لدراسات يقوم بها نفس المعهد في الجامعة، والتي أظهرت أن دورات حمية غذائية محاكية للصيام ولكن أقصر في المدة، عندما تقترن بعلاج للسرطان، تحمي الخلايا السليمة بينما تضعف من الخلايا السرطانية. وفي دراسة منفصلة تم نشرها العام الماضي، وجد المعمل أن الحمية تقلل الدهون في البطن وتقلل من علامات تقدم العمر والأمراض، سواء في الفئران أو البشر.
وقال لنجو أنهم بدأوا هذه الدراسة لتساؤلهم إن كانت الحمية تنشط قتل الخلايا المناعية الضارة وتقوم بتحفيز الخلايا الجذعية، فهل من الممكن أنها تقتل الخلايا الضارة وتقوم بتحفيز تكوين خلايا صحية جيدة.
تفاصيل الدراسة:
في الجزء الأول من الدراسة قام الباحثون بوضع مجموعة من الفئران تعاني من أمراض المناعة الذاتية تحت حمية غذائية تحاكي الصيام لمدة ثلاثة أيام كل سبعة أيام وقاموا بتكرير هذه الدورة ثلاثة مرات. وتم وضع مجموعة أخرى تحت نظام غذائي قياسي. أظهرت النتائج أن الأعراض قد قلت في المجموعة الأولى وقال الباحثون أن نسبة 20% من الحيوانات قد تعافت تمامًا.
وباختبار الفئران وجد الباحثون أن انخفاض الأعراض يعذى إلى تحسن في الصحة، مثل ارتفاع مستوى هرمون الستيرويد والكورتيزون اللذان ينتجان بواسطة الغدة الكظرية للتحكم في عملية التمثيل الغذائي، وأيضًا انخفضت الالتهابات، ووجدوا أيضًا أن هناك تحسن في خلايا الدم البيضاء «T cells» المسئولة عن المناعة.
وأخيرًا، وجد الباحثون أن هذه الحمية تحفز تجديد الغلاف العصبي المكون من البروتينات والدهون، والذي يقوم بعزل الألياف العصبية في المخ والعمود الفقري. هذا الغلاف يتم تدميره بالمناعة الذاتية. هذا الغلاف له دور مهم في توصيل الإشارات العصبية خلال الجهاز العصبي، وفي حالة المرضى المصابين بالتصلب المتعدد تقوم خلايا «T cells» بمهاجمة هذا الغلاف وتدمر الألياف العصبية. إيقاف عملية التدمير هذه وحث عملية إعادة بناء نسيج صحي لهما دور هام في إبطاء نمو هذه الأمراض، ويبدو أن الصيام بصفة دورية يقوم بحث هاتين العمليتين.
وأضاف لنجو أن هذه الحمية تؤدي لقتل الخلايا المناعية الضارة، وعندما تعود الفئران للغذاء العادي يتم تكوين خلايا مناعية صحية كما تتجدد الخلايا المنتجة للغلاف العصبي، مما يسمح لنسبة من الفئران الوصول لمرحلة الشفاء التام.
كما قام الباحثون أيضًا باختبار أمان وفاعلية هذه الحمية على أشخاص مصابين بمرض التصلب المتعدد من خلال دراسة على 60 من المصابين بالمرض. قاد هذه الدراسة «ماركوس بوك Markus Bock» في مستشفى جامعة شارتي «Charite University Hospital» في برلين حيث تم وضع 18 مريضًا تحت الحمية لدورة امتدت سبعة أيام، بعد ذلك تم وضعهم تحت حمية البحر الأبيض المتوسط لمدة ستة شهور، أيضًا تم وضع 12 مريضًا تحت نظام غذائي مراقب، و18 آخرين تحت حمية غذائية عالية الدهن «Ketogenic diet».
في المجموعة الأولى، التي اتبعت حمية الصيام ثم حمية البحر الأبيض المتوسط، والمجموعة التي اتبعت الحمية عالية الدهن كلتاهما أظهرتا تحسنًا في الصحة الجسدية والعقلية، ولكن أشار الباحثون أن هذه الدراسة محدودة؛ لأنها لم تختبر إذا كان هذا التحسن بسبب حمية البحر الأبيض المتوسط فقط أم لا، كما لم تتضمن تحليلًا لوظائف المناعة والتصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي.
وقال لنجو أن هذه النتائج تتطلب فحوصات أكثر، ويجب على الباحثين أن يحددوا ما إذا كان هذا النظام الغذائي المحاكي للصيام من الممكن أن يساعد من يعانون من أمراض المناعة الذاتية، وأن يتم اختبار فاعلية هذه الحمية في تجارب أكبر. وأضاف لنجو أن بعض الحميات المشابهة وُجد أنها آمنة في التجارب، وأنه يعتقد أن مرضى المناعة الذاتية الذين لا يجدون حلولًا فعالة يجب أن يستشيروا طبيبهم حول إمكانية اتباعهم لهذه الحمية، أو أن ينضموا لتجارب تختبر أثر هذه الحمية على أمراض المناعة الذاتية، كما أنه سمع ردودًا إيجابية من المرضى الذين اتبعوا هذه الحمية! وأنهى قائلًا «نحن متفائلون، ولكن ما لا نريده هو أن يحاول أحد اتباع هذه الحمية في المنزل دون تدخل المختص أو دون أن يفهم أن تجارب أخرى أكبر هي ضرورية لتأكيد أن هذه الحمية يمكن اعتبارها كعلاج للتصلب المتعدد أو أمراض المناعة الذاتية الأخرى1 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حمية عالية الدهن Ketogenic Diet:
هي حمية غذائية يتناول فيها الشخص نسبة عالية من الدهون ونسبة قليلة من الكربوهيدرات. هذه الحمية توفر كمية كافية من البروتين للنمو ولكنها لا توفر كمية كافية من الكربوهيدرات لاحتياجات الجسم من الطاقة، حيث يحصل الجسم على 80% - 90% من احتياجاته من الطاقة من الدهون بينما يحصل على الباقي من البروتينات3.
حمية البحر الأبيض المتوسط Mediterranean Diet:
هو نظام غذائي خاص بمنطقة البحر المتوسط يتميز بزيادة نسبة الفواكه والخضروات والحبوب والخبز والبطاطس والدواجن والفاصوليا والمكسرات وزيت الزيتون والسمك، بينما يقل استهلاك اللحم الأحمر مع كميات قليلة من الكحول 4.