عرق السوس
الوصف العام:
يعتبر عرق السوس أكثر أنواع النباتات التي تستخدم على مستوى العالم في الأغراض الطبية بعد الزنجبيل. وعرق السوس نبات معمر ذو ساق خشبية ينمو حتى يصل طوله إلى ستة أقدام (مترين)، ويحمل عناقيد من الزهور البيض ذات الملمس الكريمي تشبه في شكلها زهور أحد أنواع النبات القريبة منه، وهو نبات الترمس. تجمع الجذور التي تتراوح أعمارها بين ثلاث وأربع سنوات في فصل الخريف؛ لاستخدامها في الأغراض الطبية.
الدليل على فائدة النبات:
استخدم النبات في الطب الصيني التقليدي منذ أكثر من 300 عام كعشب مقو يعمل على تجديد شباب القلب والطحال، وكعلاج للقرح ونزلات البرد، واضطرابات الجلد. كما يشيع استخدام النبات بين خبراء الأعشاب في العصر الحديث، لعلاج قصور نسبة الأدرينالين كما في حالة انخفاض نسبة السكر في الدم، وكذلك لمقاومة الضغوط، وتنقية الكبد والدم. يستخدم النبات أيضاً لابطال تفاعلات الحساسية الخطيرة، وعلاج التهاب المفاصل.
ويتمتع النبات بمزايا خاصة في علاج بعض الحالات المرضية، نذكر منها:
• الربو، والذئبة الحمرا، وداء منيير، والبهاق: يوقف الجليسيريزين في النبات انتاج الجذور الحرة السامة، إذ تشجع هذه المواد على إفراز هرمونات تحفز الالتهاب والتورم في الممرات الشعبية عند الإصابة بالربو، وتحفز الالتهاب، والألم عند الاصابة بالذئبة الحمراء. يحفز العشب أيضاً إفراز المخاط في القصبة الهوائية مما يخفف السعال الجاف. كما يزيد من فاعلية العقاقير التي تحتوي على الستيرويد، والتي تعرف بفاعليتها في علاج مجموعة متنوعة من الحالات المصحوبة بالالتهاب، غير أن لها عددا من الآثار الجانبية، وقد أكد العلماء أن مركبات النبات تزيد من نصف عمر الكورتيزول. مما يزيد من سيطرة العقار على الالتهاب الناجم عن الربو. وقد أظهرت الدراسات الاكلينيكية أن الجليسيريزين يعتبر مكملا للعلاج بالبريدنيزولون المستخدم في حالات الربو، والذئبة الحمراء، مما يسمح للمريض باستخدام جرعات أقل من العقار، ومن ثم الحد من آثاره الجانبية. كما أن النبات يطيل من فترة استفادة الجسم من كريم الكورتيزون، الذي يستخدم لعلاج البهاق، أحد الاضطرابات التي تفقد الجلد صبغته اللونية.
• شلل بل، وداء ليم: يعتبر عرق السوس أحد أنواع النباتات الفعالة في علاج بعض الحالات العصبية، فهو يساعد مرضى شلل بل، الذي يصيب الوجه على إيقاف تطور المرض إلى حد الشلل، كما أنه يوقف "دموع التماسيح" ، أو التدفق اللاإرادي للدموع. أما بالنسبة لداء ليم، فهو يساعد على الوقاية من تطور الأعراض العصبية، ومعالجة الإجهاد المزمن.
• السرطان: يساعد عرق السوس على حماية الجسم من مجموعة كبيرة من السموم المسببة للسرطان، بما في ذلك السموم الناجمة عن العلاج الكيميائي نفسه. كما يحمي حمض الجليسيريتك الجسم من تكون الأورام. كما أنه يثبط تأثيرات الملوثات المسببة للسرطان كالبنزوبرين، واحد العناصر الكيميائية الأخرى التي تسمى أفلاتوكسين، والتي تنجم عن التخزين غير الصحيح للحبوب الغذائية. كما أن عرق السوس يحمي الجسم من بعض مركبات الزرنيخ، واليورثين، والكافيين، والنيكوتين. ومع ذلك تبقى أكثر الأشكال فاعلية لعلاج السرطان هي التركيبات العشبية الصينية، التي تحتوي على عرق السوس وغيره من الأعشاب.
• القرحة الآكلة، والطفح الناجم عن الحفاضات، والإكزيما والصدفية: بمساعدة الجسم على الاحتفاظ بالستيرويد الطبيعي، ويعمل عرق السوس على تخفيف التهاب الجلد والأغشية المخاطية، مما يعجل التعافي وتخفيف الألم.
• مرض تجويف البطن، وداء كرون، والتهاب المعدة، والقرح الهضمية: يعتبر عرق السوس مفيدا في علاج مجموعة متنوعة من أمراض المعدة، فهو يخفف الالتهاب، ويحمي المعدة والأمعاء من آثار الحمض المعدي، وفي الواقع كان حمض الجليسيريزينيك هو أول مركب ثبت أنه يحفز التعافي من القرح. وعلى عكس العديد من العقاقير المعالجة للقرح ، فإنه لا يقلل من انتاج الحامض المعدي، مما يؤدي إلى عدم اكتمال عملية الهضم، بل إنه بدلا من ذلك يزيد من آليات دفاع المعدة من خلال تقوية الغطاء المخاطي الواقي للمعدة. يزيد حمض الجليسيريزينيك أيضاً من تدفق الدورة الدموية في بطاننة خلايا جدران الأمعاء، مما يعم ما يرد إليها من العناصر الغذائية والأكسجين.
إن حمض الجليسيريزينيك الخالص يمكن أن يسبب اختزان الصوديوم والماء، لكن عرق السوس الخالي من الجليسيريزينيك الذي ليس له أية آثار جانبية متوافر أيضاً الآن. وهو يعمل على إفراز العصارة الهضمية ويحمي بطانة المعدة من التلف الناجم عن الأسبرين، وقد توصل الخبراء من خلال دراستين في هذا الصدد إلى أن الاستخدام المنتظم لهذا النوع من عرق السوس في شكل منتج يحتوي على مضاد للحموضة يمكن أن يشفي القرح بذات درجة كفاءة العقاقير التي تنتمي إلى عائلة الرانيتيدن (زانتاك). إن كل أنواع العلاج الطبي للقرح يسعى إلى الوقاية الدائمة من تكرار الإصابة بالقرحة، وذلك من خلال قتل بكتريا الهليوباكتر بيلوري، وترى بعض الأبحاث المعملية أن الفلافونويدات الموجودة في عرق السوس تعمل بالفعل على تثبيط هذه البكتيريا. وتشير إحدى الدراسات إلى انخفاض نسب تكرار الإصابة بالقرحة لدى متعاطي عرق السوس الخالي من حمض الجليسيريزينيك مقارنة بمتعاطي عقار سيميتدين.
• متلازمة الإجهاد المزمن: لاحظ علماء الأوبئة أن 95% من مرضى الإجهاد المزمن مصابون بانخفاض في ضغط الدم، وبعض المظاهر غير الطبيعية الأخرى في ضغط الدم. يرجع ذلك إلى قصور نسبة الهرمون الكظري، مما يفقد الجسم الصوديوم والماء يتبعه انخفاض في حجم وضغط الدم، يملك نبات عرق السوس القدرة على التصدي لهذه العملية؛ إذ يعمل حمض الجليسيريزينيك، أحد العناصر الكيميائية التي ترتبط بصلة للجليسيريزين على تثبيط نشاط أحد أنواع الإنزيمات التي تدمر هرمون الكورتيزول الكظري. ويؤدي ارتفاع معدل الكورتيزول في الدم إلى اختزان الكلى لمزيد من الصوديوم والماء، مما يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في ضغط الدم.
• السكر: لاحظ الأطباء المعالجون بأساليب العلاج الطبيعية أن عرق السوس يساعد على الوقاية من تفاقم مرض المياه البيضاء لدى مرضى النوع الأول، والثاني من مرض السكر. غير أنهم لم يتعرفوا بعد على كيفية إحداث النبات لهذا الأثر، على الرغم من أنهم يرجحون أن النبات يساعد على الاحتفاظ بالهرمونات التي تساعد على تطريب العين، ورفع نسبة الاستروجين قليلا لدى النساء، مما يساعد على الوقاية من المياه البيضاء.
• الالتهاب الكبدي: يحبس الجليسيريزين فيروس الالتهاب الكبدي B في الخلايا، مما يحول دون تفشي العدوى في الجسم. وتعمل هذه المادة بشكل دائم على تحسين وظائف الكبد، كما يمكن أحيانا أن تحقق الشفاء الكامل من مرض الالتهاب الكبدي ب. كما استخدم الجليسيريزين مع الانترفيرون ، أحد مكونات المناعة ، لعلاج مرض الالتهاب الكبدي ج، وقد نجم عن ذلك شفاء كامل في خلال 40% من الوقت الأصلي المستغرق للتعافي منه.
• مرض هربس، والانفلونزا، والحصبة: يحتوي نبات عرق السوس، وبخاصة عند استخدامه ضمن التركيبة الصنية التقليدية في "مغلي التنين الأخضر المزرق البسيط" على مواد كيميائية تسمى الصابونين، والتي تملك القدرة على التأثير في أنواع من الفيروسات الأخرى، وبخاصة فيروس الانفلونزا أ. يشجع صابونين عرق السوس على تكاثر البلاعم الكبرى في المناعة، مما يجعلها تلتهم البكتيريا الناقلة للعدوى. وقد أظهر البحث المعملي أن عرق السوس يملك أثرا طبيعيا مضادا للفيروسات، ضد مجموعة من أنواع الفيروسات، بما في ذلك تلك التي تسبب الحصبة، وداء نيو كاسل (أحد الأمراض التي تنتقل من الدجاج إلى الإنسان). حتى دون تدخل من الجهاز المناعي.
• فيروس الإيدز: في إحدى الدراسات التي قام فيها الباحثون بإعطاء مرضى الإيدز مركب الجليسيريزين في الوريد، لاحظوا اختفاء الفيروس بعد ثلاث جلسات علاجية. وهناك بعض الجدل حول اختبارات حساسية الجسم الممرض الذي استخدمه الباحثون؛ للتأكد من وجود فيروس الإيدز. ومع ذلك يرى الباحثون أن عرق السوس قد حقق هذا الأثر من خلال منع تكاثر فيروس الإيدز. وفي دراسة أخرى، تناول اثنان وأربعون من مرضى الإيدز المصابون في ذات الوقت بالنزف الدموي الوراثي (الناعورية) الجليسيريزين مع اثنين من الأحماض الأمينية، ولم يحدث انخفاض في نسبة وجود الفيروس يصل إلى حد الاختفاء. غير أن المرضى قد شعروا بتحسن على مستوى العدوى الفطرية الشفهية وتورم العقد الليمفاوية، والطفح الجلدي، كما تحسنت لديهم وظائف الكبد والمناعة. وقد أجرى بعض الباحثين اليابانيين تجارب على عرق السوس كوسيلة للحيلولة دون تطور فيروس الايدز إلى مرض متفش في الجسم.
احتياطات الاستخدام:
هناك نوعان من عرق السوس يشيع استخدامهما، وهما: عرق السوس العادي، وعرق السوس الخالي من الجليسيريزينيك DGL، ولكل من النوعين استخداماته الخاصة التي تناسبه. فبالنسبة لعدوى الجهاز التنفسي، والاجهاد المزمن، أو الاستخدام الموضعي لعلاج عدوى فيروس هربس، يجب استخدام عرق السوس العادي الذي يحتوي على الجليسيريزين. ويستطيع معظم الأشخاص تناول من 5 إلى 6 غرامات من عرق السوس العادي يوميا، ولكن يجب عدم تناوله عن طريق الفم لأكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في المرة الواحدة إلا تحت الإشراف الطبي.
يستخدم DGL للمشاكل التي تتطلب مستوى أمان أعلى، كما يستخدم لعلاج أمراض الجهاز الهمضي، مثل القرح. وتصل الجرعة اليومية بشكل عام إلى قرص من 300 غرام يتم مضغه ثلاث مرات يوميا قبل الوجبات، وقبل النوم للحصول على أفضل نتائج. أما بالنسبة لقرحة الفم، فيمكن مزج 200 ملغم من مسحوق DGL مع 200 مل من الماء الدافيء، يمضمض بها الفم لمدة ثلاث دقائق ثم يتم بصقها.
ونظرا لأثر النبات الذي يشبه أثر الألدوسترون، فإنه يمكن أن يسبب اختزان السوائل في الجسم، وارتفاع ضغط الدم، وقصور في نسبة البوتاسيوم عند تناوله بجرعات تتعدى 3 غم يوميا لأكثر من 6 أسابيع. فهذه الآثار يمكن أن تؤدي إلى حدوث عواقب وخيمة، وبخاصة إن كان الشخص يتناول نبات القمعية، أو مصابا بارتفاع ضغط الدم، أو مرض القلب، أو السكتة الدماغية، أو السكر، أو الجلوكوما، أو بأمراض الكلى. لذا يجب أن تحرص عند تعاطي عرق السوس على تناول فاكهة وخضروات غنية بالبوتاسيوم مثل الموز والمشمش.
يجب أن يمتنع أصحاب الأمراض التي تتميز بحساسيتها ضد الاستروجين مثل تكيس الثدي الليفي، وسرطان الثدي، وسرطان الرحم عن تعاطي عرق السوس لأنه يحفز تحول التستوستيرون إلى الاستروجين، كما أن عرق السوس يمكن أن يقلل من التستوستيرون لدى الرجال، ولهذا السبب؛ فإن الرجل الذي يواجه خللا في الانتصاب، أو المصاب بالعقم يجب أن يتجنب تعاطي النبات، كما يحظر تعاطيه أيضاً على مرضى خمول الغدة الدرقية، لأنه يزيد الحالة تفاقما بالحد من انتاج هرمون الغدة الدرقية، أو قد يتطلب الأمر زيادة جرعة الليفوثيروكسين. يحظر تناول عرق السوس عن طريق الفم إن كنت تتعاطى الستيرويد القشري corticosteroids، إذ إنه قد يزيد، أو يقلل من آثاره الإيجابية والسلبية. كذلك يجب أن تتعامل الحامل والمرضع مع النبات بحرص.
إن كنت تتناول الثيازيد thiazide، أو أي نوع من أنواع العقاقير المدرة للبول لعلاج ارتفاع ضغط الدم، أو قصور القلب الاحتقاني، فإن استخدام عرق السوس يمكن أن يؤدي إلى حدوث قصور شديد في نسبة البوتاسيوم في الجسم. إن استنفاد البوتاسيوم في الجسم بفعل النبات، يمكن أن يقود إلى تراكم سام للكالسيوم في مجرى الدم، ويتلف الكلى لدى النساء اللاتي يتناولن مكملات كربونات الكالسيوم مثل كالتريت 600 لهشاشة العظام. ويمكن أن يؤدي استنفاد البوتاسيوم أيضاً إلى حدوث خلل خطير في نسبة الأملاح المعدنية لدى الأشخاص الذين يتعاطون أي شكل من أشكال الليثيوم، لعلاج الاضطراب المزاجي المزدوج.
يعتبر عرق السوس أحد المكونات الأساسية للتبغ الممضوغ الذي لا يؤخذ عن طريق التدخين. لذا فإن الإفراط في استخدام التبغ الممضوغ يمكن أن يسبب كل آثار الإفراط في تناول عرق السوس وخاصة ارتفاغ ضغط الدم.
وأخيرا فإن تناول كميات كبيرة من حلوى عرق السوس 250-1000 غم يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات بصرية. ويرجع الافتقار المؤقت إلى حدة الابصار بعد تناول كميات كبيرة من عرق السوس إلى تقلصات الأوعية الدموية التي تغذي العين بالدم. وفي كل الحالات الطبية المسجلة في هذا الصدد، استعاد المريض قدرته الطبيعية على الابصار بعد عدة أيام، على الرغم من أن التدخل الطبي العلاجي كان ضروريا في هذه الحالة.
0 comments: