جلد الحرباء
قريبتي كانت مصابة بالربو، وتناولت بيضة حرباء مجففة ومملحة مع معلقتين من سمن الغنم لمدة أربعين يوما وشفيت تماما. هل ذكر شيء عن تحريم الحرباء أو بيضها مع أننا نحن هنا نتداوى بها وببيضها؟
وشكرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فان الحرباء يحرم أكلها عند الجمهور لخبثها كما قال ابن قدامة في الكافي في فقه ابن حنبل: وتحرم الخبائث كلها كالفأر والجراذين والأوزاغ والعظا والورل والقنفذ والحرباء والصراصير والجعلان والخنافس والحيات والعقارب، والدود والوطواط والخفاش والزنابير واليعاسيب والذباب والبق والبراغيث والقمل وأشباهها لقول الله تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ {الأعراف: 157} ...اهـ.
وتجوز عند المالكية إن ذكيت كما قال الباجي في المنتقى: وكل دابة إما لحم ودم سائل من هوام الأرض كالحية والفأرة والحرباء والعظاءة وما أشبهها، فإن من احتاج إلى شيء منها لدواء أو غيره فذكاتها في الحلق كسائر الذبائح وكالصيد بالرمي والسهم والطعن بالرمح وشبه ذلك إن صيدت مع التسمية في التذكية والتصيد، روى ذلك ابن حبيب عن مالك ووجه ذلك أن ما له نفس سائلة فإنه لا يستباح إلا بالذبح أو بالنحر كالأنعام. اهـ.
ثم إنا ننبه إلى أن استخدام الحرباء في العلاج شاع عند العوام، وهو في الغالب من تعليمات وأفعال المشعوذين والسحرة، وهؤلاء لا يجوز تصديقهم، ولا الذهاب إليهم فكل ما لم يثبت بالشرع أو التجربة الطبية نفعه لا يجوز أن يطاع المشعوذون في العمل به، ولاسيما إذا كان محرما فالأصل في التداوي بالمحرمات أنه لا يجوز لعموم الأدلة في ذلك؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها. رواه ابن حبان وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الداء والدواء، فتداووا، ولا تداووا بحرام. رواه الطبراني وغيره وصححه الألباني في السلسلة. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
لكن عند الضرورة وعدم وجود غيرها يجوز التداوي بها، والدليل على ذلك الأدلة العامة على إباحة المحرم للمضطر، كقول الله سبحانه: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ. {الأنعام:119}، ففي هذه الآية وغيرها دليل على إباحة تناول المحرمات عند الاضطرار.
قال العز بن عبد السلام رحمه الله: جاز التداوي بالنجاسات إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامها، لأن مصلحة العافية والسلامة أكمل من مصلحة اجتناب النجاسة. انتهى من قواعد الأحكام.
وقال النووي في المجموع: وأما التداوي بالنجاسات غير الخمر فهو جائز سواء فيه جميع النجاسات غير المسكر. هذا هو المذهب والمنصوص وبه قطع الجمهور وفيه وجه أنه لا يجوز لحديث أم سلمة... إلى أن قال: وإنما يجوز التداوي بالنجاسة إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامها، فإن وجده حرمت النجاسة بلا خلاف، وعليه يحمل حديث: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم. فهو حرام عند وجود غيره، وليس حراماً إذا لم يجد غيره، وإنما يجوز ذلك إذا كان المتداوي عارفاً بالطب يعرف أنه لا يقوم غير هذا مقامه، أو أخبره بذلك طبيب مسلم عدل ويكفى طبيب واحد. انتهى.
وبناء على هذا فإذا ثبت طبياً أن في الحرباء علاجاً لهذا المرض أو غيره ولم يكن هنالك ما يغني عن ذلك فلا حرج في التداوي به إن شاء الله، للضرورة ولقول المالكية بجوازه والأولى الأخذ بأسباب العلاج الأخرى كشرب زمزم، واستعمال الحبة السوداء والادهان بزيتها أو شربه، ويمكن قراءة القرآن على زمزم وزيت الحبة السوداء، ثم العلاج به شرباً أو ادهاناً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: زمزم طعام طعم، وشفاء سقم. رواه ابن أبي شيبة والبزار، وصححه الألباني في الترغيب، وفي الحديث أيضاً: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام طعم، وشفاء السقم. رواه الطبراني وابن حبان، وحسنه الألباني.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: كنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء
0 comments: