التهابُ الأوعية هو حالة التهابيَّة تُصيب الأوعيةَ الدموية، ويحدث عندما يهاجم الجهازُ المناعيُّ الوعاءَ الدموي عن طريق الخطأ، والسببُ غير معروف غالباً. يمكن أن يُصيب الالتهابُ الوعائي
الشرايين والأوردة والأوعية الشعرية. تقوم الشرايينُ بنقل الدم من القلب إلى أعضاء الجسم الأخرى، أمَّا الأوردةُ فتعيد الدمَ من الأعضاء إلى القلب، كما تقوم الأوعيةُ الشعرية (وهي الأوعية الدموية الدقيقة) بالوصل بين الشرايين الصغيرة والأوردة الصغيرة. وعندما يُصاب الوعاءُ الدَّموي بالالتهاب، فقد يصبح: • متضيِّقاً، ممَّا يجعل تدفُّق الدم من خلاله صعباً. • مغلقاً تماماً، بحيث لا يستطيع الدمُ المرورَ من خلاله. • متمدِّداً وضعيفاً جداً، بحيث قد ينفجر ويسبِّب نزفاً خطيراً داخل الجسم. قد تختلف أعراضُ الالتهاب الوعائي، لكنَّها تتضمَّن في العادة: الحمَّى والتورُّم والإحساس العام بالمرض. ويكون الهدفُ الرئيسي للعلاج هو إيقاف الالتهاب، حيث يكون تناول الستيرويدات والأدوية الأخرى مفيداً في إيقاف الالتهاب غالباً. مقدِّمة
يُعرَّف الالتهابُ الوعائي "أو التهاب الأوعية" بأنَّه التهابٌ يصيب الأوعية الدمويَّة.
وهناك مجموعة من الأمراض التي تتميَّز بحدوث الالتهاب الوعائيِّ. يكون الالتهابُ هو المشكلة الرئيسيَّة في بعض الأمراض التي تتميَّز بحدوث الالتهابات الوعائيَّة، بينما يكون مجرَّد جزء من المرض في أمراض أُخرى. يساعد هذا البرنامج التثقيفي على فهم الالتهاب الوعائي؛ وهو يتناول تشريح الأوعية الدموية وأسباب الالتهابات الوعائية وتشخيصها ومُعالجتها.
الأوعيةُ الدمويَّة
الأوعيةُ الدمويَّة هي بُنى تُشبه الأنابيب، تقوم بنقل الدم إلى جميع أنحاء الجسم. ويُدعى مجموعُ الأوعية الدموية في الجسم الجهازَ الوعائي أو الجُملة الوعائية. يُغادر الدم الغنيُّ بالأكسجين الجانبَ الأيسر من القلب، ويدخل إلى الأبهر، وهو أكبرُ الشرايين في الجسم. وينقسم الأبهرُ إلى شرايين أصغر تسير إلى الدماغ والذراعَين والأمعاء والحَوض والسَّاقَين. تُقسَم الشرايينُ الصغيرة بدورها إلى شرايين أصغر تُسمَّى الشُّرينات، وهي تُقسَم إلى أصغر أوعية دمويَّة في الجسم، وهي التي تُدعى الأوعية الشعريَّة أو الشُّعيرات. يحرِّر الدم الأكسجين والغلوكوز "السكَّر" والعناصر الغذائيَّة الأخرى على مُستوى الأوعية الشعرية، ويلتقط ثاني أكسيد الكربون من أنسجة الجسم المختلفة. تتجمَّع الأوعية الشعريَّة مع بعضها بعضاً لتُشكِّل الوُرَيدات، وهي أوردة بالغة الصِّغر تتجمَّع مع بعضها البعض بدورها لتُشكِّل الأوردة الصغيرة. تنضمُّ الأوردةُ الصغيرة إلى أوردة صغيرة أُخرى لتُشكِّل أكبرَ أوردة الجسم، وهما الوريدُ الأجوف السفليُّ والوريد الأجوف العلويُّ. يدخل الدمُ الوريديُّ، الفقير بالأكسجين والغنيُّ بثاني أكسيد الكربون، إلى الجانب الأيمن من القلب. ثمَّ يغادر هذا الدمُ الجانبَ الأيمن من القلب بواسطة الشريان الرئويِّ، ويسير إلى الرِّئتَين عبر شرايين أصغر فأصغر، ثمَّ إلى الشُّرينات فالأوعية الشعريَّة. يحرِّر الدمُ غاز ثاني أكسيد الكربون على مُستوى الأوعية الشعريَّة الرئويَّة، ويلتقط الأكسجين قبلَ أن يعود بواسطة وُرَيدات ثم أوردة إلى الجانب الأيسر من القلب، ثمَّ يعود إلى الأبهر مرَّةً أخرى، وهكذا. يكمن الفرقُ بين الشرايين والأوردة في أنَّ جُدران الشرايين تكون أكثر ثخانةً ومرونة.
الالتهابُ الوعائيُّ
الالتهابُ الوعائيُّ هو التهابٌ يحدث في الأوعية الدمويَّة. وقد يكون الالتهابُ استجابةً أو ردَّ فعل من الجسم تجاه العدوى أو الرضِّ أو المرض. يُمكن أن يؤدِّي التهابُ الأوعية الدمويَّة إلى تضيُّق هذه الأوعية، ومن ثَمَّ إلى إعاقة أمام تيَّار الدم. كما يُمكن أن يجعل جُدران هذه الأوعية مُؤلمة وحمراء وقابلة لإحداث الألم (ممضَّة) أيضاً. قد يصيب الالتهابُ الوعائيُّ أوعيةً دمويَّة مُختلفة في الجسم، ويتعلَّق ذلك بطبيعة المرض؛ فعندما تكون الشرايين هي المُصابة بالالتهاب مثلاً، تُدعى الحالة التهاب الشرايين أيضاً. يُمكن أن يُصيب الالتهاب الوعائيُّ الأوعية الدمويَّة في مختلف أعضاء الجسم، كالدماغ والكليتين والرئتين. الالتهابُ الوعائيُّ هو مجموعة من الأمراض التي تُصيب الأوعية الدمويَّة. تختلف هذه الأمراضُ عن بعضها البعض تِبعاً لما يلي:
الأوعية الدموية المُصابة.
الأعضاء المُصابة.
السبب الأساسي، إذا كان معروفاً.
أسباب الالتهاب الوعائي
يُعتقد أنَّ الالتهاب الوعائيَّ هو استجابة أو ردَّة فعل من الجهاز المناعيِّ. يتكوَّن الجهازُ المناعيُّ من خلايا دمويَّة مُتخصِّصة وموادَّ كيميائيَّة تتعرَّف إلى الموادّ الغريبة التي تدخل الجسم وتُدمِّرها. تُسمَّى الخلايا الدمويَّة، التي تنتمي إلى الجهاز المناعيِّ، خلايا الدم البيضاء؛ وهي تقوم بتدمير الموادِّ الغريبة، ومنها الجراثيمُ والفيروسات. هناك نوعان من خلايا الدم البيضاء (من بين انواع أخرى)، وهما: الخلايا التائيَّة والخلايا البائيَّة. وعندما تتعرَّف الخلايا التائيّة إلى مادَّة أو كائن حيٍّ غريب، فإنَّها تهاجمهما على الفور. عندما تكتشف الخلايا البائيّة مادّة غريبة فإنّها تُفرز موادّاً كيميائيّة خاصّة تُسمّى الأجسام الضدِّيَّة. تلتصق هذه الأجسام الضدِّيَّة بالمادة الغريبة وتؤدّي إلى موتها. قد يحدث الالتهابُ الوعائيُّ عندما يتعرَّف الجهازُ المناعيُّ بشكل خاطئ إلى موادَّ كيميائيَّةٍ في الأوعية الدمويَّة على أنَّها موادُّ غريبة، ثمَّ يقوم بمهاجمة الأوعية الدمويَّة ويُدمِّرها. ولكن، لا يزال من غير المعروف حتَّى الآن ما الذي يُسبِّب هذا الخلل في وظيفة الجهاز المناعيِّ. يحدث التهابُ الأوعية في بعض الأحيان كردَّة فعل على حقن مواد محدَّدة في الدم، مثل الكوكايين أو الأمفيتامين. يُمكن أن يُصاحب الالتهابُ الوعائيُّ الإصابةَ ببعض الأمراض المُعدية، كالتهاب الكبد البائي، وهو عدوى في الكبد تسبِّبه الفيروسات. تترافق الإصابةُ ببعض أنواع السرطان والأمراض الروماتزميَّة مع الإصابة بالالتهابِ الوعائيِّ أيضاً.
أعراض الالتهاب الوعائي
تتفاوت أعراضُ الالتهابِ الوعائيِّ إلى حدٍّ كبير، وذلك اعتماداً على العضو المُصاب؛ فالمظاهرُ قد تكون، إذا أُصيب الدماغ على سبيل المثال، سكتاتٍ دماغيَّة وشُلولاً ومشاكلَ في الرُّؤية. تعدُّ الكليتان هما المسؤولتين عن تخليص الدم من الفَضَلات والمواد السامَّة. وعند الإصابة بالالتهابِ الوعائيِّ، تتأثَّر وظيفةُ الكليتين، وقد يحتاج المريض إلى إجراء الدِّيال، حيث يعمل جهازُ الديال عمل كلية صناعيَّة (وهو يُسمَّى بالفعل جهاز الكلية الصناعيَّة). هناك أنواع مُختلفة من الالتهابِ الوعائيِّ، مثل:
داء كاواساكي (متلازمة العقدة اللمفية المخاطية الجلدية)، الذي يُصيب الأغشية المُخاطيَّة والقلب.
داء بهجت، الذي يُصيب الفمَ والعين والمناطق التناسليَّة.
التِهاب الشَّرايينِ العُقدِي، الذي يُصيب الجلد والقلب والكليتين والجهاز العصبي.
الوُرام الحُبَيبِي الوِيغنرِي "الوُرام الحبَيبِي بحسب وِيغنر"، الذي يُصيب السبيلَ التنفُّسي بشكل رئيسي.
تشخيص الالتهاب الوعائي
تُجرى اختباراتٌ دمويَّة لتشخيص الالتهابِ الوعائيِّ، وذلك للبحث عن علامات الالتهاب والأجسام المُضادَّة؛ والأجسامُ المُضادَّة هي موادُّ تُفرزها خلايا الجهاز المناعيِّ. قد يقوم الطبيبُ بأخذ عيِّنة "خزعة" من أحد الأوعية الدمويَّة بطريقة جراحيَّة لفحصها تحت المجهر. يُمكن أن تُجرى فحوصٌ بوليَّة ودمويَّة أُخرى للتحرِّي عن وظائف الأعضاء المُصابة. وقد تدعو الحاجةُ إلى إجراء صورة وعائيَّة، وهي صورة بالأشعَّة السِّينية للأوعية الدموية، تُؤخَذ بعد حقن مادَّة صباغيَّة خاصَّة. وربَّما تُجرى أيضاً صورٌ بالأشعَّة السينيَّة وصورة طبقية محورية وتصوير بالرَّنين المِغناطيسِيِّ، وذلك لفحص أعضاء الجسم المُختلفة وكشف ما إذا كانت مُصابة.
علاج الالتهاب الوعائي
تتعلَّق مُعالجةُ الالتهاب الوعائيِّ بنمط هذا الالتهاب. قد يتحسَّن الالتهابُ الوعائيِّ الناجم عن تناول بعض الأدوية أو العقاقير بمجرَّد توقُّف المريض عن تناول هذه الأدوية والعقاقير.
يُعدُّ إيقافُ الالتهاب أمراً ذا أولويَّة عند المرضى الذين لم يتمَّ العثور على سبب معروف للالتهاب الوعائيِّ عندهم. ويُمكن أن يتمَّ ذلك عن طريق تناولهم للأدوية الستيرويديَّة، كالبريدنيزون أو الدِّيكساميتازون مثلاً. كما قد يقوم الأطبَّاء أيضاً بتثبيط الجهاز المناعيِّ لدى المريض باستخدام بعض الأدوية، كالسيكلوفُسفاميد مثلاً. يجب مُعالجةُ الأعضاء المُتضرِّرة جنباً إلى جنب مع استعمال هذه الأدوية. وقد يحتاج المرضى إلى استخدام المنفِّسة "جهاز التهوية الاصطناعي" إذا كانت الرئتان مُتَضرِّرتين. كما قد تدعو الحاجة إلى إجراء الدِّيال (غسل الكلى) إذا توقَّفت الكليتان عن العمل.
الخُلاصَة
الالتهابُ الوعائيُّ هو مجموعة من الأمراض التي يحدث فيها التهابٌ في الأوعية الدموية. تتوفَّر مُعالجاتٌ لتخفيف الالتهاب وتثبيط الجهاز المناعيِّ. يعيش مُعظمُ المرضى الذين يُعانون من التهابٍ وعائيٍّ حياةً طبيعيَّة تقريباً!
0 comments: