الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

فضائل وفوائد الصيام



فضائل وفوائد الصيام

يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
من أسماء الله تعالى: "الحكيم" والحكيم مَن اتَّصف بالحكمة، والحكمة: إتقان الأمور ووضعها في مواضعها، ومقتضى هذا الاسم من أسمائه تعالى أن كل ما خلقه الله تعالى أو شرعه، فهو لحكمة بالغة علمها مَن علمها، وجهلها من جهلها.


وللصيام الذي شرعه الله وفرضه على عباده حِكَمٌ عظيمة وفوائد جمَّة:

• فمن حِكَم الصيام: أنه عبادة يَتَقَرَّب بها العبد إلى ربه، بترك محبوباته المجبول على محبَّتها من طعام وشراب ونكاح؛ لينال بذلك رضا ربه والفوز بدار كرامته، فيتبين بذلك إيثاره لمحبوبات ربه على محبوبات نفسه، وللدار الآخرة على الدنيا.

• ومن حِكَم الصيام: أنه سبب للتقوى إذا قام الصائم بواجب صيامه، قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
فالصائم مأمور بتقوى الله - عز وجل - وهي امتثال أمره، واجتناب نهيه، وذلك هو المقصود الأعظم بالصيام، وليس المقصود تعذيب الصائم بترك الأكل والشرب والنكاح؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"مَن لم يَدَعْ قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامه وشرابه".
قول الزور:
كل مُحَرَّم من الكذب والغيبة والشتم، وغيرها من الأعمال المحرَّمة. والعمل بالزور: العمل بكل فعل مُحَرَّم، من العدوان على الناس، بخيانة، وغش، وضرب الأبدان، وأخذ الأموال، ونحوها، ويدخل فيه الاستماع إلى ما يُحرَّم الاستماع إليه من الأغاني المحرَّمة، والمعازف: وهي آلات اللهو، والجهل: هو السفه، وهو مجانبة الرشد في القول والعمل، فإذا تمشَّى الصائم بمقتضى هذه الآية والحديث كان الصيام تربية نفسه، وتهذيب أخلاقه، واستقامة سلوكه، ولم يخرج شهر رمضان إلا وقد تأثَّر تأثُّراً بالغاً يظهر في نفسه وأخلاقه وسلوكه.


• ومن حِكَم الصيام: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى، حيث إن الله - عز وجل - قد يسَّر له الحصول على ما يشتهي، من طعام، وشراب، ونكاح مما أباح الله شرعاً، ويسَّره له قدراً، فيشكر ربه على هذه النعمة، ويذكر أخاه الفقير الذي لا يتيسر له الحصول على ذلك، فيجود عليه بالصدقة والإحسان.

• ومن حِكَم الصيام: التمرُّن على ضبط النفس والسيطرة عليها حتى يتمكَّن من قيادتها لما فيه خيرها وسعادتها في الدنيا والآخرة، ويبتعد عن أن يكون إنساناً بهيميًّا لا يتمكن من منع نفسه عن لذَّتها وشهواتها، لما فيه مصلحتها.

• ومن حِكَم الصيام: ما يحصل من الفوائد الصحيَّة الناتجة عن تقليل الطعام، وإراحة الجهاز الهضمي فترة معيَّنة، وترسُّب بعض الفضلات والرطوبات الضارة بالجسم وغير ذلك. أهـ.
وهناك فوائد وفضائل أخرى للصيام منها:
1- كسر النفس: فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبَطَر والغفلة.
فإنه يهذب النفوس، ويكفها عن الشهوات، ويمنعها من البطر، ويصُدَّها عن الطغيان، ويبصرها بحقيقتها وضعفها، وشدة احتياجها إلى الطعام، الذي هو من بعض نعم الله عليها؛ فتذل وتتضاءل أمام عظمته القاهرة سبحانه وتعالى.
2- ومنها تخلِّي القلب للفكر والذكر:
فإن تناول هذه الشهوات قد يقسي القلب ويعميه، وخلو البطن من الطعام والشراب ينوِّر القلب، ويوجب رقته، ويزيل قسوته، ويخليه للفكر والذكر.
3- ومنها أن الصيام يضيق مجاري الدم:
التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان، وتنكسر ثورة الشهوة والغضب، ولهذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الصوم وِجَاء لقطعه عن شهوة النكاح.
4- وللصوم كذلك فوائد وثمار أخلاقية منها:
أنه يبعد المسلم عن الخطأ، سواء كان الخطأ بالفعل أو القول، فلا يتحدث إلا بالخير وهذا ما يتفق مع أخلاق المسلم، فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل ولا يسب ولا يشتم، ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يقابلها بالعفو والصفح والإحسان، امتثالاً لقوله تعالى:
﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].
فيرد على مَن يجهل عليه، فيقول: "إني صائم" بصوت يسمع الشاتم فينزجر؛ وكذلك ليسمع به نفسه؛ ليمنعها من مشاتمته ومقاتلته، وبذلك يحافظ على صومه من المكدرات، وإن كان المسلم مطالباً بذلك في كل أحواله، إلا أنه في حق الصائم آكد.
5- والصيام سبيل للتخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل:
فالصائم لا يقول زوراً، ولا يتحدث بنميمة أو غيبة، وإلا فلا قيمة لصيامه، وما ناله من ذلك إلا الجوع والعطش.
فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
6- الصيام يحض على الشفقة والرأفة والرحمة بأصحاب البطون الخاوية ومد يد العون إليهم:
يقول شوقي إبراهيم - رحمه الله -:
الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، ولكل فريضة حكمة، وفرض الصوم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة، فهو يستثير الشفقة، ويحض على الصدقة، ويكسر الكبر، ويعلم الصبر، ويسن خلال البر.
حتى إذا جاع من أَلفَ الشبع، وحُرِم المترف أسباب المنع، عرف الحرمان كيف يقع، وألم الجوع إذا لذع.
ومنها أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالامتناع عن هذه الشهوات في وقت مخصوص، وحصول المشقة له بذلك بتذكر من منع ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى ويدعوه إلى رحمه أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك.
روي عن يوسف - عز وجل - أنه قيل له:
"لِمَ تجوع وأنت على خزائن الأرض؟ قال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع".
فالصوم حرمان، وهذا تذكير عملي بجوع الجائعين، وبؤس البائسين، فيشعر الغني أن هناك معدات خاوية، وبطوناً خالية، وأحشاء لا تجد ما يسد الرمق، ويطفئ لهب الجوع، فيرقّ قلبه ويعطي المحتاجين، ويمد يد العون للمساكين.
7- ومن فضائل الصوم كذلك:
أن الصوم يعلم المسلم المراقبة الدائمة لله تعالى: لأن الصائم يكون أمامه طوال يوم الصوم الطعام والشراب والزوجة، ولا يمنعه من ذلك إلا المراقبة الدائمة لله تعالى.
8- ومن فضائل وفوائد الصيام: أنه علاج لكثير من الأمراض:
أ- علاج للإدمان:
فالصوم سمو بالروح إلى عالم الطهارة والخير، ومن هنا يجب الاستفادة من شهر رمضان في تحرير النفس، وخلاصها من كل ما هو مفسد ومدمر لها، مثل العادات السيئة: كالتدخين، والإفراط في استعمال المنبهات العصبية كالشاي والقهوة.
يقول الدكتور يسري عبد المحسن "أستاذ الطب النفسي والأعصاب بكلية طب جامعة القاهرة":
"أما بالنسبة لحالات الإدمان بأنواعها المختلفة، سواء كانت من الأقراص المهدئة أو المنشطة أو على الحشيش والأفيون، أو الكوكايين والهيروين... فإن شهر الصوم قد يساعد كثيراً في علاج هذه الحالات، وخصوصاً التي ظهر فيها الإدمان منذ فترة قصيرة؛ لأن الصوم مع الإرادة القوية يحقق عدم التعرض لتعاطي هذه المواد طوال فترة النهار حتى المغرب، ثم مع الإرادة القوية يستطيع المدمن أن يتغلب على الحنين، أو احتمالات الحاجة إلى تعاطي المادة التي أدمن عليها في فترة المساء، عن طريق ممارسة أنشطة العبادة: كالصلاة، وتلاوة القرآن الكريم، وسماع الأحاديث. وأن الاعتكاف في المسجد مع الانشغال المستمر بالممارسات الدينية المختلفة، يجعل المدمن في حالة من الطمأنينة والراحة النفسية، مع الإحساس بالأمان والهدوء الداخلي، الذي قد يبعده عن الإحساس بالحنين والحاجة إلى اللجوء لهذه السموم، وإذا لزم الأمر فقد يستطيع المدمن أن ينتظم على العلاج النفسي جنباً إلى جنب، مع الاستفادة من صومه وتردده على المسجد في التخلص من عادته السيئة، وهنا يكون المسجد بمثابة المصحة النفسية في العزل الجزئي للمدمن خلال فترة المساء، أما في فترة النهار فإن الصوم وحده كفيل بضمان حسن سير العلاج، والامتناع عن تعاطي المواد المدمنة.
ب- وكذلك الصوم يحسن قوة دقات القلب وشدتها، ويعيد نشاطه على الوجه الأكمل:
فالقلب يضرب 80 ضربة في الدقيقة الواحدة، أي مما يعادل 115200 مرة في الـ24 ساعة؟
وأنه لوحظ في الأيام الأولى من الصوم تناقص في عدد ضربات القلب، بحيث تصل إلى أقل من 60 ضربة في الدقيقة، بينما يعود نبض القلب لكي يثبت على 60 ضربة في الدقيقة طوال اليوم خلال فترة الصيام، وهذا النقص في عدد دقات القلب يوفر 28800 دقة في ال24 ساعة، وهذا معناه أن القلب يأخذ راحته من ربع العمل الذي كان منوطاً به.
ج- وكذلك الصوم يفيد في الأمراض الجلدية:
جاء في كتاب "قرة العين" في رمضان لعلي الجندي: أن الصوم له فوائد كبرى؛ لأن الصوم يمهد لخلو الجهاز الهضمي والأمعاء من الطعام لفترة ما، فتنشط فيها عصاراته لمواجهة الوجبة المقبلة، فتكون فرصة عملية الهضم أكبر، إذ إن تقارب فترات الطعام لا يعطي هذا الجهاز المهم من الجسم الفرصة الكافية للتخلص من الفضلات السابقة، التي تتغذى عليها الميكروبات، فتصبح بؤرة عفنة تشيع سمومها وتسبب أمراض كثيرة منها أمراض جلدية لا حد لها.
ويقول الدكتور محمد الظواهري "أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة القاهرة":
إن علاقة التغذية بالأمراض الجلدية متينة، فالامتناع عن الغذاء والشراب مدة ما؛ يقلل من الماء في الجسم والدم، وهذا بدوره يدعو إلى قلة الماء في الجسم، وحينئذ تزداد مقاومة الجلد للأمراض الجلدية المؤذية والميكروبية، وقلة الماء من الجلد تقلل أيضاً من حدة الأمراض الجلدية الالتهابية والحادة والمنتشرة بمساحات كبيرة بالجسم، وأفضل علاج لهذه الحالات من الوجهة الغذائية هو الامتناع عن الطعام والشراب لفترة ما.
فوائد الصيام الطبية:
وقد أجرى الطبيب عصام العريان من مصر بحثاً على 120 صائماً من الرجال والنساء لمختلف الأعمار فوجد الآتي:
• أن الصيام قد عمل على ضبط متوسط معدل الجلوكوز في الدم طوال الشهر من (80-120).
• أن الصيام قد ساعد على تخلص الجسم من الدهنيات الزائدة.
• أن الصيام يحدث انخفاضاً في معدل الكولسترول للصائمين الذين بدأوا الصيام بكولسترول مرتفع، بينما لم يتأثر معدل الكلسترول للذين بدأوا الصيام وهو طبيعي لديهم.
• أن الصيام يحدث انخفاضاً في مستوى حمض البوليك، بينما لم يحدث أي تغير في مستوى البولينا في الدم أثناء الصيام.
ويؤخذ من أقوال الأطباء المنشورة في بعض الصحف والمجلات بمناسبة شهر رمضان الكريم:
إن الصوم يفيد في تجنب أنواع من الأمراض، نذكر بعضها فيما يلي:-
1- السمنة والتكرش: وهما داء الأكلة والكسالى والمترفين.
2- النقرس: المعروف قديماً بداء الملوك.
3- ارتفاع الضغط الشرياني.
4- التهاب الكبد وحويصلة الصفرة من الالتهابات والحصوات.
5- التهاب الكُلى الحاد والحصوات البولية.
6- أمراض القلب المزمنة التي تصحب البدانة والضغط العالي.
7- اضطراب المعدة المصحوبة بتخمر في المواد الزلالية والنشوية.
8- مرض السكر: وقد كان علاج هذا المرض قبل كشف الإنسولين الصوم والحِمية.
فوائد الصيام الصحية:
1- يقوي الصيام جهاز المناعة فيقي الجسم من أمراض كثيرة، حيث يتحسن المؤشر الوظيفي للخلايا اللمفاوية عشرة أضعاف أثناء النوم، وتزداد الخلايا T.lymphocytes المسئولة عن المناعة النوعية زيادة كبيرة، ونتيجة لزيادة البروتين الدهني تنخفض الكثافة؛ فتنشط الردود المناعية للجسم.
2- يخفف الصيام ويهدئ من هياج الغريزة الجنسية وخصوصاً لدى الشباب، وذلك بهبوط مستوى هرمون التيستوستيرن، وهو الهرمون المحرك والمثير للرغبة الجنسية، هذا ما أشار إليه الحديث النبوي الشريف، حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب الذين لا يقدرون على الزواج:
" يا معشر الشباب! مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
وقد وُجِدَ بالأبحاث العلمية أن الصيام مع الاعتدال في الطعام والشراب، يكون له تأثير في كبح جماح الغريزة الجنسية.
3- يعالج الصيام الأمراض الناتجة عن السمنة، كتصلب الشرايين، وضغط الدم، وبعض أمراض القلب. (الصيام معجزة علمية د. عبد الجواد الصاوي).
4- يعالج الصيام بعض أمراض الدورة الدموية الطرفية كمرض الرينود ومرض برجر.
5- يعالج الصيام المتواصل مرض التهاب المفاصل المزمن (الروماتويد).
6- يعادل الصيام الإسلامي ارتفاع حموضة المعدة؛ وبالتالي يساعد على التئام قرحة المعدة.

7- يُمكِّن الصيام آليات الهضم والامتصاص في الجهاز الهضمي وملحقاته من أداء وظائفها على أتم وأكمل وجه.
8- يتيح الصيام راحة فسيولوجية للجهاز الهضمي وملحقاته، بمنع تناول الطعام والشراب لفترة زمنية تتراوح من 9-11 ساعة بعد امتصاص الغذاء، وتسترح آليات الأمعاء في كل هذه الفترة.
9- يُمكِّن الصيام الغدد الصماء ذات العلاقة بعمليات الاستقلاب في فترة ما بعد الامتصاص من أداء وظائفها.
10- ينشط الصيام آليات الاستقلاب أو التمثيل الغذائي في البناء والهدم للجلوكوز والدهون والبروتينات لتقوم بوظائفها على أكمل وجه.
11- يجدد الصيام الخلايا أثناء مرحلة البناء.
12- يحسن الصيام خصوبة الرجل والمرأة على السواء.
13- يقي الصيام الجسم من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه وبين أنسجته من جراء تناول الأطعمة وخصوصاً المحفوظة منها.
14- توصل الدكتور أحمد القاضي: إلى أن درجة تحمل المجهود البدني، وكفاءة الأداء العضلي ازدادت لدى الصائمين بنسبة كبيرة عند 30% من افراد التجربة، وبنسبة اقل عند 40% منهم، وتحسنت دقات القلب بمقدار 6% وضغط الدم مضروباً في سرعة النبض بمقدار 12 %، وتحسن الشعور بإرهاق الساقين بمقدار 11% ودرجة الشعور بضيق التنفس 9%.
15- يسبب الصوم زيادة في الأحماض الدهنية الحرة في الدم، فتصبح المصدر الرئيسي للطاقة بدلاً من الجلوكوز، الأمر الذي يساعد على تقليل نضوج غليكوجين الكبد والعضلات أثناء الشدة، ويساعد على حماية مستوى الجلوكوز في الدم، وكجزء من عملية الشعور أثناء الصيام، تستخدم المصادر الداخلية بدلاً من الخارجية، حيث تتوفر الأحماض الأمينية في الدم بكميات كافية؛ لإمداد الجسم بالطاقة، علماً أن مدة الصيام المعتدلة والحالة النفسية للصائم الذي يعي جيداً أهمية الصيام، ومدى الأجر الكبير فيه لها دور كبير في عدم الشعور بالإنهاك، الذي يشعر به الإنسان الجائع أو العطشان في الظروف العادية خارج رمضان.
وهناك الكثير والكثير من الفوائد الصحية للصيام والتي لم يصل إليها أهل الطب إلى الآن، لكن علينا أن نُسلِّم بكل ما جاء عن رب العالمين، أو عن الرسول الأمين - صلى الله عليه وسلم -، سواء علمنا الحكمة أو لم نعلمها، فلابد أن نوقن أن ما شرعه الله لنا يحمل في طياته الخير، ويضمن لنا السعادة في الدنيا والآخرة.
ومن الفوائد الصحية للصيام كذلك:
• أن الصوم يسمح للمعدة بالتجدد واستعادة النشاط.
• أن الصوم يعمل على سرعة التئام الجروح وزوال الالتهابات.
• أن كثيراً من المرضى المصابين بالربو تتحسن حالتهم أثناء الصوم.
• تحسُّن القوى العقلية والفكرية أثناء الصوم والذاكرة تقوى، وهناك تجارب أجريت على طلاب الجامعات أثبتت أن الصوم لفترات قصيرة يزيد في قدرة هؤلاء الطلاب الذكائية والفكرية، ويجعلهم أكبر قدرة على استيعاب دروسهم وحفظها.
• وكذلك تزداد الروحانيات وتسمو أثناء الصوم، وتتحسن العاطفة والمحبة والبديهة تحسناً ملحوظاً، بجانب صفاء النفس وتنوير القلب.
• ويلاحظ زيادة السموم البولية عند الصائمين، وهذا نتيجة طرح الفضلات أثناء الصوم.
• أن الصوم يشفي بعض حالات العجز الجنسي، كما أنه كفيل باستعادة الخصب الجنسي عند النساء.
• وأن الطاقة الحيوية التي كانت تُصرَف في هضم المواد الغذائية، سوف تصرف - عند الصوم - في طرح وطرد كل المواد المؤذية التي يحتوي عليها الجسم... وغير ذلك من الأمراض التي يفيد الصوم فيها، ويعمل على إزالتها أو تخفيفها. (التداوي بالصيام هـ.م شلتون بتصرف).
فالصيام أحبتي في الله...
مفيد للبدن، مريح للمعدة، مُذْهب لكثير من الأمراض النفسية والجسمية، يصلح الجهاز الهضمي والكُلى والكبد، وبعض الغدد المنتشرة في الجسم، ويقي الجسم من الأمراض الخطيرة: كارتفاع ضغط الدم، والبول السكري، ويخفف من حدة التهاب المفاصل، ويريح أنسجة الجسم، ويطهر الأمعاء من العفونات والسموم التي تحدثها البطنة، ويزيل الشحومات التي هي خطر على القلب.
يقول ابن القيم - رحمه الله - كما في "زاد المعاد" (2/29):
لما كان المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية؛ لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها، ويذكرها مجال الأكباد الجائعة مساكين، وتضيق مجاري الشيطان من الصبر بتضييق مجاري الطعام والشراب، وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة، فيما يضرها في معاشها ومعادها، ويسكن كل عضو وكل قوة عن جماحه وتلجم بلجامه، فالصيام هو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، وهو لرب العالمين من بين سائر العبادات، فإن الصائم لا يفعل شيئاً، وإنما يترك شهواته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثاراً لمحبة الله ورضائه.
وهو سر بين العبد وربه لا يطَّلع عليه سواه، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهواته من أجل معبوده فهو أمر لا يطلع عليه بشر، وتلك حقيقة الصوم.
وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحمايتها من التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد لها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى، كما قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
أحبتي في الله...
لابد أن نُسلِّم بشرع الله سواء علمنا منه الحكمة أم لم نعلم، وعلينا أن نوقن أن شرع الله لنا رحمة، وما أراد الله بنا إلا الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، فالحمد لله على نعمة الإسلام وشرائعه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل منا الصيام، والقيام، وصالح الأعمال.
وأن يرزقنا الجنة ونكون في صحبة الحبيب النبي وصلى الله على آله وصحبه وسلم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك



0 comments: