بسم الله الرحمن الرحيم
الصيام فوائد وأحكام
الصيام فوائد وأحكام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد فهذه جملة أحكام وفوائد متعلقة بشهر رمضان انتقيتها من كتب الحديث و من كلام أهل العلم ولم أرد الإطناب والله أسأل الإخلاص في القول والعمل.
1- صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام بالنص والإجماع قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام" (البقرة: آية 183) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " بني الإسلام على خمس…… ومنها ( وصوم رمضان ) . متفق عليه .
2- يجب صيام شهر رمضان برؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فإن لم ير أو غم فبإتمام شعبان ثلاثين يوما. والرؤية المعتمدة للهلال هي بعد غروب الشمس، والرؤية في النهار لا عبرة بها مطلقا .
3- يثبت دخول شهر رمضان برؤية شاهد واحد كما صح بذلك الخبر عن ابن عمر، رواه أبو داود والدار قطني . وهو حديث ثابت .
4- إذا صام الناس برؤية واحد ثلاثين يوماً و لم يروا هلال شوال فالصحيح أنهم يفطرون و يلزمهم ذلك و هذا مذهب الشافعية ، و على المشهور من مذهب الحنابلة يزيدون يوما ، و الأول أصح ، و هو وجه لأصحابنا رحمهم الله ، و لأن الفطر تبع للصوم و يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا انظر المغني (4/420 ) .
5- لا يجوز صيام يوم الشك وهو الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال لغيم أو قتر وفي الباب أحاديث :
• "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين". متفق عليه.
• قول عمار رضي الله عنه "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم". رواه الأربعة وصححه ابن خزيمة وعلقه البخاري في صحيحه.
• " فإن غم عليكم فأتموا عدة شعبان ثلاثين". متفق عليه. وهذا هو أصح الأقوال وهو اختيار الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وما سواه فهو مصادم للسنة الظاهرة .
6- الصوم هو الإمساك بنية التعبد لله عز وجل عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .
7- يجب الصوم على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع .
8- من رأى هلال رمضان وردّ قوله فإنه لا يصوم لوحده بل يتبع الناس لقوله عليه الصلاة والسلام " الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون…….." الحديث جاء عن أبي هريرة وعائشة أخرجهما الترمذي والبغوي وغيرهما وهو حديث ثابت بمجموع طرقه وهذا اختيار شيخ الإسلام رحمه الله سـواء في دخـول الشهـر وخروجـه كمـا في مجمـوع فتـاويه (25/114) .
9- الكافر إذا أسلم أثناء النهار يلزمه الإمساك بقية اليوم فقط ولا يلزمه صوم ما مضى حتى اليوم الذي أسلم فيه .
10- الصبي إذا بلغ أثناء النهار يلزمه الإمساك بقية اليوم فقط ، وقبل بلوغه يستحب تعويده على الصيام إذا أطاقه كما كان الصحابة يفعلون بأولادهم كما ثبت ذلك من حديث الربيع بنت معوذ في الصحيحين .
11- من أصبح صائما فجن أثناء نهار الصوم فسد صومه في أصح قولي العلماء ويستوي في ذلك قليل الجنون وكثيره ، وأما إذا أغمي عليه في أثناء النهار فصومه صحيح، ومن أغمي عليه جميع النهار ولم يفق جزءا منه فلا يصح صومه . ومن نام قبل طلوع الفجر ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس فصومه صحيح .
12- المريض إذا كان يضره الصوم يحرم عليه الصوم، ويجب عليه الفطر . إذا كان يشق عليه ولا يضره فيستحب له الفطر. وإذا كان لايشق عليه فيجب عليه الصوم .
13- المريض إذا زال عـذره أثناء النهار وقد أصبح مفطرا جـاز له إكمال نهار الصوم مفطرا .
14- المريض مرضا يشق عليه الصوم معه ولا يرجى شفاؤه عند الناس يفطر ويطعم عن كل يوم أفطره مسكينا، ولا يطعم إلا بعد انتهاء يوم الصوم، ومثله كل عاجز عن الصوم عجزا مستمرا لايرجى زواله كالكبير .
15- فاقد العقل لا يجب عليه الصوم ولا الإطعام ولا شيء من التكاليف .
16- الحائض والنفساء لا يجب عليهما أداء الصوم لأجل المانع الذي عليهن ، وعليهما القضاء . فإن نزل هذا الدم المانع أثناء نهار الصوم فسد الصوم، ولهن الفطر باتفاق العلماء ، وإن طهرت الحائض والنفساء أثناء النهار لم يلزمهما الإمساك بقية اليوم على الصحيح من أقوال أهل العلم .
17- المسافر يباح له الفطر لأجل السفر ولو لم يجد مشقة، فإن كان مع سفره يجد مشقة فيندب له الفطر، والأفضل له فعل الأسهل له والأرفق به من الصيام أو الفطر، فإن استويا في حقه كان الصوم أفضل لأنه أسرع في إبراء الذمة وأسهل عليه لأنه يصوم مـع الناس وهو قول الجمهور .
18- إذا قدم المسافر بلده أثناء النهار مفطرا جاز له إكمال النهار مفطرا على الصحيح من قولي العلماء، وإن قدم بلده صائما لزمه إكمال الصيام بالاتفاق .
19- إذا خرج الإنسان في أثناء نهار الصوم مسافرا وقد أصبح صائما فله الفطر إذا خرج من بنيان بلدته، وسواء أفطر بجماع أو بغيره .
20- الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، أو على نفسيهما، أو على نفسيهما وولديهما، فلهما الفطر، وعليهما القضاء فقط، ولا يجب عليهما الإطعام في جميع الأحوال، وهذا هو القول الصحيح في المسألة وهو اختيار شيخنا ابن باز رحمه الله .
21- تبييت النية في الصيام الواجب واجب .
22- تجزيء النية من النهار قبل الزوال أو بعده لمن أراد صيام نفل وهو المنقول عن الصحابة فمن بعدهم، فقد صح عن نحو عشرة من الصحابة ، وعليه عمل السلف وفي الباب حديث عائشة عند مسلم ،والأجر من حين نوى على الصحيح من أقوال أهل العلم بشرط ألا يكون تعاطى منافيا للصوم قبل ذلك غير نية الفطر وانظر مجموع الفتـاوى (25/120) .
23- إذا قامت بينة دخول شهر رمضان بالنهار، لزم الإمساك والقضاء وهو قول جمهور العلماء، وقيل لا يلزم إلا الإمساك وهو إختيار شيخ الإسلام رحمه الله والأول أحوط .
24- تجزيء نية واحدة لجميع الشهر ما لم يقطعها في أصح قولي العلماء وهو اختيار شيخ الإسلام وهو قول مالك رحمه الله. وثمرة المسالة تظهر فيما لونام المكلف جميع الليل في رمضان فهل يصح صومه لليوم الذي يليه أم لا ؟
25- يجوز لمن أصبح صائما نفلا الفطر . و لا يجب عليه القضاء ، و حديث عائشة و حفصة رضي الله عنهما في الأمر بالقضاء لا يصح بل هو حديث مرسل كما قال النسائي و الترمذي و قال الخلال اتفق الثقات على إرساله . و لا يصح في الأمر بقضاء التطوع حديث .
26- من أصبح صائما فرضا او نفلا فأكل أو شرب أو جامع ناسيا فصومه لا يفسد بذلك .
ومن المستطرف ما رواه عبدالرزاق في مصنفه (4/174) بإسناده أن إنسانا جاء أبا هريرة رضي الله عنه فقال: أصبحت صائما، فنسيت فطعمت وشربت ، قال: لابأس ، أطعمك الله وسقاك، قال ثم دخلت على إنسان فنسيت فطعمت وشربت. قال: لا بأس الله أطعمك وسقاك. قال ثم دخلت على إنسان آخر فنسيت وطعمت ، فقال أبو هريرة أنت إنسان لم تتعود الصيام .
27- من أبيح له الفطر لأجل عذر شرعي جاز له تكميل اليوم مفـطرا ولا يلزمـه الإمسـاك بقية اليوم .
28- من لم يبح له الفطر إذا تعمد الفطر يلزمه الإمساك بقية اليوم وذلك أثناء نهار رمضان وعليه القضاء والتوبة ، و قد ذكر أهل العلم سبب المضي في الصوم الفاسد في نهار رمضان ( بغير الحيض و النفاس ) و الحج الفاسد لأن وقت العبادة مضيق ، بخلاف الصلاة الفاسدة فلا يجوز المضي فيها بل يجب قطعها و يجب الإتيان بها صحيحة لأن وقتها موسع .
29- من نوى الإفطار بقلبه أفطر، فإن كان صومه واجبا فقد فسد وجاز له صرفه إلى صوم نفل في غير شهر رمضان لأن شهر رمضان وقت مخصص لصيام رمضان لا يحتمل غيره ، وإن كان صومه نفلا جاز له استئناف النية للصوم، وثوابه من حين نوى نيته الجديدة .
30- من أراد الإتيان بمناف للصوم فلا يفطر إلا بالإتيان به بخلاف من نوى الفطر بقلبه فيفطر وتقدم. وبيانه: في الصلاة أوضح. فمن أراد الأكل أو الشرب أو الحدث في الصلاة ولم يفعل لم تبطل صلاته، وإن نوى قطع نية الصلاة بطلت صلاته ، والصوم مثله .
31- المفطرات هي :
* الجماع وهو إيلاج الذكر في الفرج، وإذا حصل في نهار رمضان ترتب عليه أمور : استحقاق الإثم ، ووجوب التوبة ، وفساد الصوم ، ووجوب الإمساك بقية اليوم ، ووجوب قضاء اليوم ، والكفارة المغلظة وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينها إلا لعذر شرعي كأيام العيدين والتشريق ، أو لعذر حسي كالمرض والسفر لغير قصد الفطر، فإن أفطر يوما واحدا بلا عذر لزمه استئناف الصيام من جديد ليحصل التتابع ، فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين فيطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدٌ من طعام ، فإن لم يجد سقطت عنه الكفارة .
* إنزال المني باختياره بتقبيل أو لمس أو تكرار نظر أو استمناء، وأما الإنزال بالاحتلام أو بالتفكير المجرد عن العمل فلا يفطر لأن الإحتلام بغير اختيار الصائم، والتفكير معفو عنه .
* الأكل والشرب وهو إيصال الطعام والشراب إلى الجوف عن طريق الفم أو الأنف، وما كان بمعنى الأكل والشرب فهو مفطر كالإبر المغذية التي يكتفى بها عن الأكل والشرب ، وأما الإبر غير المغذية فغير مفطرة ، ومما يفطر كذلك حقن الدم في الصائم ، مثل أن يصاب بنزيف فيحقن به دم فيفطر بذلك، وعليه ما يسمى بعملية غسيل الكلى مفطرة لأن فيها إدخال دم وإخراج دم واختاره الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله .
* الحجامة: مفطرة لقوله عليه الصلاة والسلام: أفطر الحاجم والمحجوم . رواه أحمد وأبو داوود وهو ثابت رواه غير واحد من الصحابة وصححه أحمد والبخاري وغيرهما .ومما يؤثر على البدن تأثير الحجامة الفصد والتبرع بالدم فيفطران، وأما خروج الدم بالرعاف أو شق الجرح أو قلع السن أو التحليل فلا يفطر، ولا يصح في نسخ الفطر في الحجامة حديث . والفطر بالحجامة هو مذهب أهل الحديث كما قاله شيخ الإسلام رحمه الله وبينه أتم البيان، انظر الفتاوى (25/252) .
* التقيؤ عمدا: وهو إخراج ما في المعدة من طعام أوشراب عن طريق الفم، فأما إذا غلبه القيء فلا يفطر بذلك .
* خروج دم الحيض والنفاس : فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها سواء في أول النهار أو وسطه أو آخره ولو قبل الغروب بلحظة، لكن إن أحست بانتقال الدم في بدنها ولم يبرز إلا بعد غروب الشمس فصومها صحيح .
* هذه المفطرات عدا الحيض والنفاس لا يفطر الصائم بشيء منها إلا إذا كان عالما ذاكرا مختارا، فإن كان جاهلا بالحكم فلا يفطر . ولا يفطر كذلك إذا كان جاهلا بالحال، مثل أن يظن أن الفجر لم يطلع فيأكل وقد طلع الفجر، أو يظن أن الشمس قد غربت ، فيأكل وهي لم تغرب فلا يفطر في ذلك كله ، وكذلك لا يفطر إن كان ناسيا لصومه لقوله عليه الصلاة والسلام : ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ) متفق عليه . وسواء كان في حال نسيانه أكل أو شرب أو جامع فلا يفطر بذلك ، وكذلك لا يفطر إذا كان مكرها، كما لو أكره الرجل زوجته على الوطء وهي صائمة فصيامها صحيح ولا قضاء عليها . ولو طار إلى جوفه غبار أو دخل فيه شيء بغير اختياره أو تمضمض أو استنشق فنزل إلى جوفه شيء من الماء بغير اختياره فصيامه صحيح ولا قضاء عليه لكن لا يبالغ في الاستنشاق لأنه ربما نزل شيء إلى جوفه، وفي حديث لقيط بن صبرة : ... وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما . رواه أهل السنن وهو حديث ثابت .
32- لا يفطر الصائم بالكحل والدواء في عينه ولو وجد طعمهما في حلقه .
33- لا يفطر الصائم بتقطير دواء في أذنه ولا بوضع دواء على جرح، ولو وجد طعم الدواء في حلقه .
34- لا يفطر الصائم بالحقنة في الدبر، وبوضع حبوب التحاميل الحرارية أو الدوائية ولا بالتقطير في الإحليل (قناة الذكر) .
35- لا يفطر الصائم بذوق الطعام إذا لم يبتلعه ولا بشم الطيب، والبخور، لكن لا يقصد استنشاق دخان البخور، انظر مجموع الفتاوى (25/242) .
36- لا يفطر الصائم بالتسوك، بل هو سنة للصائم في جميع النهار . وقد ذكر البخاري في صحيحه ثلاثة أنواع من الأدلة على شرعية السواك للصائم فارجع إليها .
37- للصائم أن يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش كالتبرد بالماء والانغماس فيه .
38- إذا أصبح الصائم جنبا من جماع أو غيره بليل فإنه يصوم ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر، وكذا الحائض تطهر بالليل فيطلع الفجر عليها ولو لم تغتسل فيصح صومها .
39- إذا جامع في يومٍ من رمضان مرتين ولم يكفر فعليـه كفـارة واحدة، قال في المغني : بغير خلاف .
40- إذا جامع في نهار رمضان ثم كفر ثم جامع في اليوم نفسه فقيل عليه كفارة ثانية وهو المشهور من مذهب الحنابلة، لأنه وطء محرم لحرمة رمضان حيث يجب عليه الإمساك، وهذا ظاهر اختيار شيخ الإسلام (25/261) . والقول الآخر ليس عليه كفارة ثانية ، وهو قول الجمهور وحكاه الوزير ابن هبيرة في الإفصاح (3/124) إجماعا . والعجيب أنه حكى خلاف أحمد فكيف يكون إجماعا ؟ والقول الأول هو إختيار أبي محمد صاحب المغني (4/386) . وقال صاحب الإختيارات (ص160-161): وهل تجب كفارة الجماع في رمضان لإفساد الصوم الصحيح أو لحرمة الزمان ؟ فيه قولان: الصواب الثاني .ا هـ
41- إذا جامع في يومين من رمضان، فإن كفر للأول ثم عاود الجماع في الثاني فعليه كفارة للثاني إجماعا، وإن عاود الجماع في الثاني قبل أن يكفر عن اليوم الأول فالصحيح أن عليه لكل يوم كفارة ، لأن كل يوم عبادة منفردة وهو قول الجمهور .
42- من جامع في نهار رمضان وهو معافى ثم مرض أو سافر أو جن أو حاضت لم تسقط الكفارة لاستقرارها في ذمته .
43- من طلع عليه الفجر وهو مجامع فإن نزع في الحال فلا شيء عليه، وبوب عليه البيهقي في سننه بابا (4/219)، وإن تمادى واستدام فعليه القضاء والكفارة ، و انظر قواعد ابن رجب ( 1/477 ) .
44- من أفطر بأكل ونحوه ليجامع لا تسقط عنه الكفـارة 0000 انظـر مجمـوع الفتاوى (25/260-262) .
45- من أغمي عليه أياما من نهار رمضان فإنه يقضي إذا أفاق سواء كان الإغماء باختياره أم لا وأما الصلاة فينظر ، فإن كان الإغماء باختياره قضى ، وإن كان بغير اختياره فلا قضاء حتى لو أغمي عليه وقت صلاة واحدة فإنه لا يقضيها وهو أصح الأقوال في المسألة .
46- المجنون إذا أفاق، وقد اتى عليه أيام من رمضان في حال جنونه، فإنه لا يقضي الصيام ولا الصلاة .
47- من أخر قضاء رمضان بلا عذر حتى دخل عليه رمضان آخر، فإن عليه التوبة من التأخير والقضاء فقط، وقد ثبت عن ثلاثة من الصحابة أن مع القضاء الإطعام، ولكن ظاهر القرآن الاكتفاء بالقضاء، ولم يذكر الله جل وعلا الإطعام، وهذا هو الراجح وهو اختيار البخاري في صحيحه انظر الفتح (4/188)، واختاره شيخنا ابن عثيمين رحمه الله .
48- من كان عليه قضاء من رمضان فأخره تحتم عليه القضاء في شعبان من السنة التي تليها حيث لا عذر .
49- يتأكد على الصائم اجتناب كل ما يحرم من قول أو فعـل كمـا قـال عليه الصلاة والسلام : ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) متفق عليه .
50- ما يتبقى من الطعام في الفم كما بين الاسنان لا يجوز للصائم أن يبتلعه وإن جرى به ريقه فابتلعه بغير قصد لم يفطر بذلك .
51- بلع النخامة في نهار رمضان لا يفطر الصائم مطلقاً في أصح قولي العلماء ولكن ينبغي لفظها حيث تيسر ذلك .
52- إذا خرج دم من اللثة أو اللسان أو غير ذلك في الفم لا يجوز للصائم ولا غيره أن يبتلعه لأنه خبيث محرم ويفطر الصائم .
53- يباح للصائم مباشرة أهله وتقبيلهم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ، لكن قالت عائشة ( كان أملككم لإربه ) متفق عليه فمن كانت نفسه تضعف بذلك وتطلب المحظور ، فلا يحم حول الحمى .
54- من السنة أن يفطر الصائم على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد فعلى ماء وإلا فعلى ما تيسر مما أباح الله كما ثبت بذلك حديث سلمان بن عامر الضبيّ رواه أهل السنن وله شواهد .
55- يستحب أن يدعو الصائم عند فطره بما أخرجه أبو داود والدار قطني وحسنه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) وهذا الدعاء يقال في الصيف والشتاء على حدٍ سواء .
56- من مات وعليه صيام من رمضان فإن كان تمكن من القضاء فلم يفعل حتى مات فإنه يصوم عنه وليّه – وهذا الصوم من الولي غير واجب إذ لا تزر وازرة وزر أخرى – فإن لم يُصم عنه أُطعم عنه من تركته وإن تبرع أحد بالإطعام عنه أجزأ وسواء كان الصيام عنه أو الإطعام من ولي قريب أو أجنبي .
57- من مات وعليه صيام يشترط فيه التتابع فإنه لا يُصام عنه إلا متتابعاً ولا يمكن هذا إلا أن يتبرع أحد أوليائه فيتابع ولا يجزي أن يصوم أحد الأولياء أياماً متتابعة ثم يكمل الأخر عنه متابعاً ، و هو اختيار الشيخين ابن باز و ابن عثيمين رحمهما الله ، انظر الفتح ( 4/193 ) و الشرح الممتع ( 6/457 ) .
58- إذا سابك أحد أوشاتمك، فلا تجهل، وترفّع عن المشاتمة ويشرع لك أن تقول : إني صائم أو إني أمرؤ صائم، وإذا دعت الحاجة لتكرار ذلك فقله مرتين أو ثلاثا سواء كان الصوم فرضا أونفلا . و ليس في السنة قول بعضهم ( اللهم إني صائم ) .
59- تأخير السحور مندوب إليه، والتبكير بالإفطار مندوب إليه إذا تحققتَ غروب الشمس وكل ذلك من أسباب خيرية هذه الأمة ما تمسكت بهذه السنة وغيرها، فلا تعرضن عن ذلك .
60- الوصال إلى السحر جائز ، كما دل عليه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر ) رواه البخاري .
و أما مواصلة يومين فأكثر فقيل يكره و قيل يحرم ، و على هذا فالمراتب ثلاث :
* الفطر بغروب الشمس و هو سنة و فضيلة
* الفطر عند السحر فيأكل أكلة واحدة ، هي فطوره و سحوره ، و هذه جائزة
* وصال يومين فأكثر لا يفطر بينهما وتقدم حكمها ، والصحيح أنه لا يحرم ذلك وهذا مشهورٌ عن عباد السلف من الصحابة والتابعين ، لكن إن كان يضر أ و يمنع من فعل واجب فيحرم ، وهذه المراتب الثلاث حقيقتها و حكمها جار في الفرض و النفل سواء .
61- ليحذر الصائم من الفطر قبل غروب الشمس و ليحذر التساهل في ذلك ، و في عصرنا يعلم الغروب غالبا بواسطة الساعات أو غيرها ، و قد روى ابن خزيمة في صحيحـة (3/237) و البيهقي في سننه (4/216) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي … و فيه ( ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما قال قلت من هؤلاء ، قال هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ) ظاهر اسناده صحيح .
62- الترتيب في خصال كفارة الجماع في رمضان هو المحفوظ في حديث ابي هريرة في الصحيحين وغيرهما، وذكر الدارقطني في علله (علل الدارقطني 10/225 وما بعدها) أن نحوا من ثلاثين راويا رووه عن الزهري بلفظ الترتيب والأقل بلفظ التخيير، وأيضا فيه ترجيح آخر وهو أن الترتيب من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، والتخيير من لفظ الراوي .
63- إذا أكل الصائم أو شرب ناسيا فهل يجب تذكيره؟ نعم واختاره الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، واختار الشيـخ محمـد بن إبراهيـم رحمـه الله بأن ذلك لا يلزم (فتاويه 4/193)، والأقرب الأول .
64- الصوم المقيد مثل الست من شوال أو يوم عرفه أو عاشوراء لابد فيه من تبييت النية من الليل فهذا شرط في حصول الأجر الخاص الموعود به ، و هذا اختيار الشيخين ابن باز و ابن عثيمين رحمهما الله .
65- إذا داعب الرجل زوجته وهو صائم فخرج منه مذي فصومه صحيح ولا شيء عليه على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لعدم الدليل على أنه يفطر بذلك، ولا يصح قياسه على خروج المني وهذا القول هو اختيار الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله .
66- اختلف العلماء في جواز التطوع بالصيام لمن عليه أيام من رمضان ، و على القول بالجواز فيستثنى من ذلك صيام الست من شوال ، فإنها لا تصام إلا بعد استكمال صيام شهر رمضان أو إتمام قضائه لمن عليه قضاء ، و انظر الشرح الممتع ( 6/447 ) .
67- من لم يبيت النية في صوم رمضان و لم يتلبس بالعبادة أصلا فإنه لا سبيل إلى قضائها و لا ينفعه لو فعل ، لقوله عليه الصلاة و السلام ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) و لأن كل عبادة مؤقتة بوقت إذا تعمد المكلف تركها حتى يخرج و قتها من غير عذر فإنها لا تقضى ، و هذا بخلاف من تلبس بالعبادة و دخل فيها ثم أفسدها ، فإنه يجب عليه قضاؤها لأنها أصبحت واجبة عليه كالنذر ، و شيخ الإسلام يذهب إلى أبعد من هذا ، فيرى أن من أفطر متعمدا بجماع أو غيره فإنه لا يقضي و لا يقبل منه قضاء ، و يضعف الحديث الوارد في أمر المجامع بقضاء اليوم الذي أفطر فيه بالجماع ، أخرجه أبو داود و غيره (قلت و هو كذلك ضعيف ، لكن الأصل وجوب القضاء ) و أورد شيخ الإسلام على نفسه ( مجموع الفتاوي 25/225) حديث أبي هريرة ( من ذرعه القيء فلا شيء عليه ، و من استقاء فليقض ) و أجاب بما حاصلـه أن الاستقاءة – و هو تعمد القيي – لا يفعله إلا من يحتاج إلى ذلك و أن الإنسان لا يتقيأ إلا لعذر كالمريض يتداوى بالقيء ، و إذا كان المتقيؤ معذورا كان ما فعله جائزا . ا.هـ قلت : فيحمل الشيخ رحمه الله الحديث على مثل هذه الصورة ، و الحديث المذكور في القيء للصائم غير محفوظ ضعفه أحمد و البخاري ، و المحفوظ في ذلك ما أخرجه مالك في الموطأ ( 1/304 ) عن نافع عن ابن عمر من قوله بنحو الحديث المذكور ، و عامة الفقهاء على معنى هذا الأثر .
أحاديث لا تثبت في الصيام
1- أحاديث نسخ الفطر بالحجامة لا يصح منها شـئ و ليـس فيهـا حديـث قائم تثبت به الحجة :
كحديث أبي سعيد الخدري ( رخص النبي صلى الله عليه و سلم للصائم في الحجامة ) فهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، و قد نص الحفاظ على ذلك كالترمذي و أبي حاتم و أبي زرعة و البزار و ابن خزيمة و قد بين ذلك في صحيحه ، و أصل هذا الحديث فتيا لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
و كحديث أنس عند الدارقطني و البيهقي و غيرهما أخرجاه من طريق خالد بن مخلد القطواني أخبرنا عبد الله بن المثنى عن ثابت البناني عن أنس قال : ( أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم و هو صائم فمر به النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال : أفطر هذان ثم رخص النبي صلى الله عليه و سلم بعد في الحجامة للصائم ، و كان أنس يحتجم و هو صائم ). هذا الحديث منكر لا يصح شاذ الإسناد و المتن ، كما قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق ، و القطواني له مناكير معروفة تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، و عبد الله بن المثنى تكلم فيه أيضا غير واحد من الحفاظ كأبي داود و النسائي ، و قال العقيلي لا يتابع على أكثر حديثه . ا.هـ
و قد خالفه في لفظ هذا الحديث جبل الحفظ شعبة ، فرواه عن ثابت قال سئل أنس بن مالك رضي الله عنه ( أكنتم تكرهون الحجامة للصائم قال : لا إلا من أجل الضعف ) . أخرجه البخاري ( الفتح 4/174 ) ، و قد طعن في حديث أنس المذكور شيخ الإسلام رحمه الله ، و قال الحافظ ابن حجر أيضاً : إن في المتن ما ينكر ( الفتح 4/178 ) .
و كحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ، أن النبي صلى الله عليه و سلم ( نهى عن الحجامة للصائم و المواصلة و لم يحرمهما إبقاء على أصحابه ) رواه أحمد أبو داود و غيرهما بإسناد جيد ، و الجواب عنه أن قوله ( و لم يحرمهما ) من اعتقاد الراوي و ظنه ، و قد أخبر أن النبي صلى الله عليه و سلم قد نهى عن ذلك ، و النهي يقتضي التحريم ، و قد خالفه جمهور الصحابة في ذلك … انظر كلام شيخ الإسلام في شـرح العمـدة ( 1/438 ) و قوله ( ابقاء على أصحابه ) متعلق بقوله ( نهى ) .
2- حديث "من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم وفيه علل ثلاث، وضعفه أحمد والبخاري وابن خزيمة وغيرهم كثير
3- حديث " لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت أمتي أن يكون السنة كلها رمضان ……" واه ابن خزيمة ( 3 / 190 ) وغمزه بقوله إن صح الخبر ... قلت : وهو حديث واه .
4- حديث "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم…….وفيه من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضه ومن أدى فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه…….الحديث" رواه ابن خزيمة في صحيحه وغمزه بقوله إن صح الخبر والحديث لا يصح ، وإن كان لبعضه شواهد.
5- حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم ( كان يقبلها و هو صائم و يمص لسانها ) رواه أبو داود و لا يصح ، و قال الحافظ في الفتح (4/153 ) و لو صح فهو محمول على من لم يبتلع ريقه الذي خالط ريقها .
6- حديث الصيحة في رمضان وهو حديث فيروز الديلمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون صوت في شهر رمضان قالوا يارسول الله في أوله أو في وسطه أو في أخره ؟ قال لا بل في النصف من رمضان ، إذا كان ليلة النصف من رمضان ليلة جمعة يكون صوت من السماء يصعق له سبعون الفاً ويخرس له سبعون الفاً …….. ) الحديث باطل ذكره ابن الجوزي في الموضـوعات (3/462) و ابن عرّاق في تنزيه الشريعة ( 2/347 ) وجماعة .
أحاديث ثابتة في الصيام
1- حديث أبي هريرة "لله عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابه" رواه أحمد في مسنده (2/254) وله شواهد (انظر مجموع مصنفات ابن شاهين ص139 وما بعدها ) .
2- حديث أبي هريرة "ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر.…….." الحديث
رواه أحمد في مسنده ( 2 / 304 ) وابـن ماجـه ( 1752 ) وابن خزيمـة في صحيحـه ( 3 / 199 ) والطيالسي ( 2707 ) ومن طريقـه عبـد بن حميـد برقـم ( 1418 ) والبيهقي ( 3 / 345 ، 8 / 162 ، 10 / 88 ) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم ( 7387 ) والطبراني في الدعاء برقم ( 1316 )
وذكر الدار قطني في علله ( 11 / 235 – 236 ) طرفاً منه وقال عنه : الحديث محفوظ اهـ .
والحديث يروى مطولاً ومختصراً وهو حديث واحد كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في النكت الظراف ، والحديث في اسناده أبو مُدلّه مولى عائشة ، وقد وقع توثيقه في إسناد ابن ماجه ، والحديث كما قال الدار قطني محفوظ وحسنه الحافظ في تخريج الأذكار ؛ فتضعيف من ضعفه من المتأخرين بعد هذا لا يقبل ولعله لم يقف على ما ذكرنا بقي ترجيح في لفظ الحديث :
هل المحفوظ 1/ الصائم حتى يفطر أو 2/ الصائم حين يفطر
والصواب أن المحفوظ في اللفظ بالحاء المهملة و التاء المثناة الفوقانية ( حتى ) وأما لفظة لفظة (حين) بالمثناة التحتانية فنون لم تقع فيما أعلم إلا عند ابن حبان تفرد بها فرج بن رواحة و خالفه كل من روى هذا الحديث في المصادر المذكورة أعلاه فرووه باللفظ الأول و الفرق ظاهر بين اللفظين في المعنى ، و ممن نص على ترجيح هذه اللفظة النووي في الأذكار .
و إلى هنا ينتهي ما أردت بيانه من مسائل و أحكام فقهية و حديثية متعلقة بالصيام ،
و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبينا محمـد و علـى آله و صحبه .
0 comments: