يمكن أن يكونَ وجودُ ألمٍ في الصَّدر أمراً مخيفاً. لكن هذا الألم لا يعني دائماً أنَّ المريض مصابٌ بنوبةٍ قلبية؛ فمن الممكن أن تكون هناك أسبابٌ أخرى. ومن بين هذه الأسباب: • مشكلات
قلبية، كالذَّبحة مثلاً. • نوبات هَلَع. • مشكلات هضمية، كحُرقة الفؤاد أو الاضطرابات المريئية مثلاً. • التهاب بعض العضلات. • أمراض رئوية، كالتهاب الرئة أو التهاب الجَنَبَة أو الانصمام الرئوي مثلاً. • إلتهاب المفاصل في الصدر. إن هذه الأعراض خطيرة. وعلى المريض أن يطلبَ الرعايةَ الطبية الفورية إذا ظهر لديه ألمٌ صدري لا يزول من تلقاء نفسه، أو إذا كان لديه ألمٌ ضاغط أو إحساسٌ بالضغط على الصدر، أو إذا ترافق الألم الصدري مع الإحساس بالغثيان أو التعرُّق أو الدَّوخة أو قِصَر النَّفَس. وتعتمد المعالجةُ على سبب الألم. مقدِّمة
يمكن أن يكونَ وجودُ ألمٍ في الصدر أمراً مخيفاً. لكنَّ هذا الألم لا يعني دائماً أنَّ المريضَ مصابٌ بنوبةٍ قلبية. ومن الممكن أن تكون هناك أسباب متعدِّدة كثيرة للألم الصَّدري، كالمشكلات الرئوية أو الهضمية مثلاً. قد يكون الألمُ الصَّدري علامةً على وجود مشكلةٍ خطيرة. ولذلك، إذا تعرض المريض للألم الصَّدري، فإن عليه دائماً أن يستشير الطبيب. يتناول هذا البرنامجُ التثقيفي الألمَ الصَّدري وأسبابه الشائعة. كما يتناول تشخيصه ومعالجته.
الصَّدر
الصدرُ هو الجزء العلوي من الجذع. وهو يقع بين الرقبة والبطن. وفي الصدر كثيرٌ من الأعضاء والعظام والعضلات. يستعرض هذا القسمُ تشريحَ الصدر. وهو أمرٌ لابدَّ منه لفهم ما يتعلق بالألم الصَّدري. القلبُ من أهمُّ الأعضاء الموجودة في الصدر. وهو عضلةٌ شديدة التخصُّص. إن القلب مسؤولٌ عن ضخِّ الدم إلى أعضاء الجسم كلها. القلبُ موجود ضمن كيس يُعرف باسم "التامور". وهو يساعد في عمل القلب على نحوٍ سليم. الأبهرُ هو الشريانُ الأكبر في الجسم. وهو ينقل الدم الغني بالأوكسجين من القلب إلى الأوعية التي تذهب إلى مختلف أنحاء الجسم. يبدأ الأبهرُ من قمَّة القلب، ثم ينحدر إلى الأسفل من خلف القلب. العضوُ الآخر المهمُّ في الصدر هو الرئة، أو الرئتان. تقوم الرئتان بتزويد الدم بالأكسجين. كما أنَّ ثاني أكسيد الكربون يخرج من الجسم عن طريق الرئتين أيضاً. المريءُ عضوٌ واقعٌ في الصدر أيضاً. وهو موجودٌ خلف القلب و الأنبوب الهوائي ، الرُّغامى. إنَّ المريءَ هو الأنبوب الذي ينقل الطعام من الفم إلى المعدة. وهو جزءٌ من السبيل الهضمي. كما يشتمل الصدرُ أيضاً على عضلاتٍ وعظامٍ ومفاصل. وهي ما تشكُّل بمجموعها جدار الصدر. الأضلاعُ هي عظامٌ رقيقةٌ منحنية يتكون منها قفصٌ يحيط بالأعضاء التي في الصدر. وتسمح الأضلاعُ للرئتين بالتمدد، كما أنَّها تحمي القلب والرئتين من الإصابات. هناك نسيجٌ مرنٌ متين يُدعى باسم "النسيج الغضروفي" يقوم بالوصل بين الأضلاع وعظم القَصِّ. وعظمُ القَصِّ هو عظمٌ طويلٌ مسطَّح يشكِّل المركز الأمامي للقفص الصدري. الجَنَبَةُ هي غشاءٌ يغلِّف باطن التجويفَ الصدري. وهي محيطةٌ بالرئتين أيضاً. هناك مشكلاتٌ كثيرة يمكن أن تسبِّبَ ألماً صدرياً. ولا توجد طريقةٌ لمعرفة ما إذا كان الألم ناتجاً عن القلب أو عن شيءٍ آخر من غير استشارة الطبيب. تستعرض الأقسامُ الأربعة التالية الألمَ الصَّدري الناتج عن القلب، والرئة، والجهاز الهضمي، ومشكلات أخرى.
الألم الصَّدري المتعلِّق بالقلب
قد يكون الألمُ الصَّدري ناتجاً عن مشكلاتٍ ذات صلة بالقلب. وفي بعض الأحيان يكون الوصفُ الأصح لهذا الألم هو عدم الراحة أو الانزعاج، وليس الألم بالمعنى الدقيق للكلمة. من الممكن أيضاً أن يجري وصف الألم الصَّدري المتعلِّق بالقلب بأنه:
ألمٌ صدريٌّ شديد أو ضغطٌ شديد في الصدر.
ألمٌ ساحق يمكن أن ينتقلَ إلى الذراعين والرقبة والظهر ومنطقة الفكين.
ألمٌ يستمر زمناً يمتد من نصف ساعة إلى ساعات كثيرة.
إذا كان الألمُ الصَّدري ناتجاً عن نوبةٍ قلبية، فإن الراحة غالباً لا تفيد في تخفيفه. كما أنَّ تغييرَ وضعية المريض لا يؤدي إلى تخفيف الألم أو إلى أي تغييرٍ فيه. يشعر بعضُ المرضى بعسر الهضم والغثيان خلال النوبة القلبية. وقد يترافق هذا مع التعرُّقِ أو الدَّوخة أو قِصَر النَّفَس. الذَّبحةُ هي ألمٌ في الصدر والمناطق المحيطة به. وهي تحدث عندما لا يتلقَّى القلبُ كفايته من الأكسجين. ومن المهم أن يحصل المريض على معالجةٍ في حالة الذَّبحة. إذا ظلت الذَّبحة من غير معالجة، فقد تؤدي إلى نوبةٍ قلبية. والنوبةُ القلبية هي حالةٌ شديدةٌ من الذَّبحة يمكن أن تكون خطرةً على الحياة. تحدثُ الذَّبحةُ عادةً عندما يبذل الإنسان قدراً كبيراً من الجهد البدني لعدة دقائق. وغالباً ما تزول من عندما يستريح الشخصُ المعني أو عندما يتناول الدواء. ومن الممكن أحياناً أن تحدثَ الذَّبحة في حالة الراحة أيضاً. يمكن أن يؤدِّي تسلُّخُ الأبهر إلى ألمٍ صدريٍّ أيضاً. وهو حالةٌ خطرةٌ على الحياة. يحدث هذا التسلُّخُ عندما تصبح جدران الأبهر رقيقةً و تنتفخ ، ثم تُصَاب بتمزُّق. التهابُ التأمور هو التهابٌ يصيب غشاء التأمور، أي الكيس الذي يحيط بالقلب. وغالباً ما يكون هذا الالتهاب على صلةٍ بعدوى فيروسية، ويمكن أن يؤدي إلى ألمٍ صدريٍّ.
الألمُ الصدري المتعلِّق بالرَّئة
هناك اضطراباتٌ رئوية كثيرة يمكن أن تؤدِّي إلى الألم الصدري. وإذا كان الألم الصدري ناتجاً عن اضطرابٍ رئوي، فإن الألمَ يزداد غالباً عندما يستنشق المريض نفساً عميقاً أو عندما يسعل أو يعطس. من الممكن أيضاً أن تؤدِّي المشكلات الرئوية التي تسبب ألماً صدرياً إلى ظهور أعراض أخرى، من بينها:
الشعور بشدٍّ في الصدر.
تعب شديد.
حُمَّى وقشعريرة.
تسرُّع أو اضطراب نبض القلب.
قِصَر النَّفَس.
يعاني بعضُ الأشخاص المصابين بأمراض رئوية، يمكن أن تؤدي إلى ألمٍ صدريٍّ، من شعورٍ بالقلق والخوف أيضاً، وكذلك بنوعٍ من الدوخة أو الإغماء، والتعرُّق أيضاً. إنَّ التهابَ الرئة واحدٌ من الأسباب الشائعة للألم الصدري الناتج عن الرئة. والالتهابُ الرئوي هو عدوى شائعة تحدث في رئةٍ واحدة أو في الرئتين معاً. وهناك مكروبات كثيرة، كالبكتيريا والفيروسات والفطريات، يمكن أن تسبِّب التهاباً رئوياً. من الممكن أن يؤدِّي التهابُ الجَنَبَة إلى ألمٍ صدريٍّ أيضاً. والجَنَبَة هي الغشاء الذي يغلِّف باطن التجويف الصدري. هناك أسبابٌ كثيرةٌ لالتهاب الجَنَبَة. لكن الالتهاب يكون في أكثر الأحيان ناتجاً عن عدوى فيروسية. الانصمامُ الرئوي هو انسدادٌ مفاجئ في أحد الشرايين الرئوية. وينجم هذا الانسداد عادةً عن خَثرةٍ دموية انتقلت إلى الرئة قادمةً من أحد الأوردة الموجودة في الساق. من الممكن أن يكونَ الانصمامُ الرئوي قاتلاً، و غالباً ما يسبب ألماً صدرياً شديداً. إذا تسرَّب الهواءُ إلى الفراغ الموجود بين الرئة والأضلاع، فمن الممكن أن يؤدي هذا إلى "انخماص الرئة". وقد يؤدي انخماصُ الرئة إلى ألمٍ صدريٍّ يبدأ على نحوٍ مفاجئ، ويستمر عدَّةَ ساعات. إن فرط ضغط الدم الرئوي يمكن أيضاً أن يسبِّب ألماً صدرياً. وهذه الحالةُ هي ارتفاع الضغط الدموي في الشرايين داخل الرئة.
الألمُ الصدري المتعلِّق بجهاز الهَضم
قد يكون الألمُ الصَّدري ناتجاً عن مشكلاتٍ في الجهاز الهضمي. وفي بعض الحالات، يمكن أن يزدادَ أحياناً هذا النوع من الألم بعد تناول الطعام. إن أكثر المشكلات الهضمية التي يمكن أن تسبب ألماً صدرياً تؤدي أيضاً إلى أعراضٍ أخرى. ومن تلك الأعراض:
حُرقة في الصدر.
صعوبة البلع.
غثيان أو تقيؤ.
ألم في الظهر بين لوحي الكتف.
ألم تحت الكتف الأيمن.
ألمٌ مستقر ثابت في الجزء العُلوي من البطن.
من أسباب الألم الصَّدري الشائعة ذات الصلة بالهضم ما يُعرف باسم "حُرقة الفؤاد". وهذه الحالة شعورٌ مؤلم بالحُرقة في الصدر والحلق. ويحدث هذا الشعور عندما ترتدُّ الأحماض المَعِدِيَّة إلى الأعلى عبر المريء. ومن الممكن أن يعرف كلُّ إنسان هذا الشعور في لحظةٍ من لحظات حياته. من الممكن أيضاً أن تكونَ اضطرابات البلع من بين أسباب الألم الصَّدري. إن مشكلات المريء يمكن أن تجعلَ عمليةَ البلع صعبةً ومؤلمة. قد تؤدي مشكلاتُ المرارة والبنكرياس إلى ألمٍ صدري أيضاً، حتى وإن لم يكن هذان العضوان واقعين في الصدر. تقع المرارةُ والبنكرياس في الجزء العُلوي من البطن، لكن التهاب هذين العضوين يمكن أن يؤدِّي إلى ألمٍ في البطن ينتشر إلى الصدر أحياناً.
أسبابٌ أخرى للألم الصدري
من الممكن أحياناً أن يكونَ الألمُ الصَّدري ناتجاً عن مشكلاتٍ في العضلات أو في العظام في منطقة الصدر. وعلى سبيل المثال، فإنَّ التهاب العضلات وإصابة الأضلاع يمكن أن تؤدي إلى آلامٍ في الصدر. التهاب الغضروف الضلعي هو حالةٌ تؤدي إلى تورُّم والتهاب الغضاريف الموجودة في القفص الصدري. ومن الممكن أن تؤدي هذه الحالة إلى ألمٍ صدري يشبه ألم النوبة القلبية. إن الأشخاص الذين يتعرَّضون إلى نوبات الهلع يمكن أيضاً أن يصابوا بألمٍ صدري. ونوبة الهلع هي شعورٌ مفاجئ بالذعر من غير سبب. ويمكن أن تؤدي إلى:
تسارع ضربات القلب.
ألم صدري.
صعوبة التنفُّس.
الدَّوخة.
إن أعراض نوبة الهلع تشبه أعراضَ النوبة القلبية. وقد يكون من الصعب تمييز السبب الحقيقي للأعراض. ولذلك، لابدَّ من استشارة الطبيب في هذه الحالة. إن الهِربِس النُّطاقي مرضٌ ناتجٌ عن الفيروس الذي يسبب الإصابة بالحُماق. يظل الفيروس هاجعاً في الجسم بعد الإصابة بالحُماق. ويمكن أن يعود إلى الظهور على شكل هِربِس نطاقي في فترةٍ لاحقة من حياة المريض. من الممكن أن يؤدي الهِربِس النُّطاقي إلى ظهور نطاق من البَثَرات على الظهر أو الصدر، إضافة إلى الإصابة بألمٍ صدري.
متى تكون استشارةُ الطبيب ضرورية؟
على المريض أن يلتمس المشورة الطبية إذا أُصيب بألمٍ صدري، أو بضغطٍ يتصف بما يلي:
أن يكون جديداً أم مختلفاً.
أن يستمر أكثر من دقيقتين أو ثلاث دقائق.
أن يختفي ثم يعود من جديد.
يجب التعاملُ مع الألم الصَّدري تعاملاً جدِّياً على الدوام. وحتى إذا كان الألم الصَّدري غير متعلقٍ بنوبة قلبية، فإن من الأفضل أن يحرص المريض على السلامة وأن يخضع لفحصٍ طبي. هناك أسبابٌ أخرى للألم الصدري يمكن أيضاً أن تكونَ في حاجةٍ إلى معالجةٍ سريعة من أجل الوقاية من المضاعفات.
التشخيص
يطرح الطبيبُ أسئلةً عن التاريخ الطبي للمريض وعن الأعراض. كما يسأله عن الأدوية التي يتناولها. ثم يُجري فحصاً جسدياً للمريض. في حالة الألم الصَّدري، يحاول الطبيبُ أولاً أن يفحص القلب. وهو يستخدم تخطيط كهربية القلب (ECG) لتسجيل النشاط الكهربائي للقلب. يستطيع هذا التسجيل إظهار ما إذا كان هناك نوبةٌ قلبيةٌ توشك أن تحدثَ، أو حدثت بالفعل. يحاول الطبيبُ أيضاً أن يتحقَّقَ من وجود أي حالة رئوية خطرة على الحياة. ومن الممكن للتصوير بالأشعة السينية أن يُبيِّن شكل وحجم كل من القلب والرئتين. كما يستطيع أيضاً إظهار المشكلات الرئوية، وذلك من قبيل التهاب الرئة أو انخماص الرئة. هناك فحوصٌ تصويرية أخرى من الممكن إجراؤها لرؤية أعضاء الصدر وتفاصيله على نحوٍ أكثر وضوحاً. ومن هذه الفحوص التصويرية: التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي. قد يطلب الطبيبُ إجراءَ فحوص للدم أيضاً. اعتماداً على نتائج الفحوص والاختبارات، فإنَّ الطبيب يمكن أن يطلب إجراء مزيد من الفحوص من أجل التشخيص أو من أجل استبعاد بعض الأسباب المحتملة. بعدَ تشخيص السبب المؤدي إلى الألم الصَّدري، فإن الطبيب يمكن أن يوصي بعلاجاتٍ مختلفة. إنَّ معالجة الألم الصَّدري تعتمد على سببه.
الخلاصة
عندما يتعرَّض المريضُ إلى الألم الصَّدري، فمن الممكن أن يكون الموقف مخيفاً. لكن الألم الصَّدري لا يعني دائماً أن المريض مصابٌ بنوبةٌ قلبية. من الممكن أن توجدَ أسبابٌ أخرى للألم الصدري، ومن بينها أسبابٌ متعلقة بمشكلاتٍ رئوية أو هضمية. حتى عندما لا يكون الألم الصَّدري ناتجاً عن نوبةٍ قلبية، فإنَّ هذا الألم يمكن أن يكون علامةً على وجود مشكلة خطيرة. وعلى المريض أن يلتمس المشورةَ الطبية الإسعافية إذا كان لديه ألمٌ صدري يتصف بما يلي:
إذا كان جديداً أو مختلفاً عما سبق.
إذا استمرَّ أكثر من دقيقتين أو ثلاث دقائق.
إذا كان يختفي ثم يعود من جديد.
0 comments: