يحدث مرضُ الشِّريان السُّباتي عندما تتراكم موادُّ معيَّنة في أكبر شريانين في الرقبة، وتُعيق بذلك تدفُّقَ الدم إلى الدماغ. وتُسمَّى هذه الحالة أيضاً تضَيُّق الشريان السباتي في بعض الأحيان. وعندما تحدث إعاقة تدفُّق الدم إلى الدماغ، فإنَّ ذلك يؤدّي إلى حدوث السكتة الدماغيَّة. قد يؤدِّي انسدادُ الشرايين في العُنُق إلى حدوث السكتات الدماغيَّة. لا يسبِّب مرضُ الشريان السباتي أيَّةَ أعراض في مراحله المبكِّرة عادة، كما لا يعرف الناس أنَّ لديهم مشكلة عادة حتَّى يُصابوا بسكتة دماغية. يمكن أن تكون السكتاتُ الدماغية خطرة، بل مميتة أحياناً. قد تشمل خياراتُ العلاج تغييرَ نمط الحياة واستعمال الأدوية؛ وقد تكون هناك حاجة إلى إجراء عملية جراحية في الحالات الشديدة.
مقدِّمة
يمكن أن يؤدِّي تراكمُ موادَّ مُعيَّنة ضمن أكبر شريانين في العُنق إلى إعاقة أو توقُّف تزويد الدماغ بالدم. وهذا ما يُسمّى تضيُّق الشِّريان السباتي أو مرض الشريان السباتي. قد يؤدِّي انسدادُ الشرايين في منطقة العنق إلى حدوث السكتات. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم مرض الشريان السباتي بشكل أفضل، كما يساعد على معرفة أسبابه، ومضاعفاته، وتشخيصه، وكيفية مُعالجته.
لمحة عن تشريح الشرايين السباتية
يقوم وعاءان دمويَّان كبيران، موجودان في الجزء الأمامي من العُنق، بتزويد الدماغ بالدم. يُدعى هذان الوعاءان الدمويان باسم الشِّريانين السباتيين. يقوم الشريانان السُّباتيان بتوصيل الدم إلى الشرايين في الدماغ.
أعراض تضيق الشريان السباتي وأسبابه
لا يُسبِّب مرض الشريان السباتيِّ أيَّةَ أعراضٍ في مراحله المبكِّرة، ولا يُدرك الناس أنَّهم يُعانون من مشكلة عادةً حتَّى يتعرَّضوا للإصابة بسكتة دماغيَّة. تحصل السكتةُ الدماغيّة عندما لا يتلقَّى الدماغ كمِّية كافية من الدم. قد يسبِّب النقصُ المفاجئ في كمِّية الدم التي تصل إلى الدماغ حدوث "سكتة صغيرة"، أو ما يُسمَّى النوبة الإقفاريَّة العابرة" أو "نوبة نقص التروية العابر". قد تشمل أعراضُ نوبة نقص التَّروية العابِر شعوراً بالخدر والضَّعف وصعوبة في الكلام أو الرُّؤية. ولا تستمرُّ هذه الأعراض إلاَّ فترة قصيرة من الزمن. تحدث السكتاتُ الدماغيَّة عندما يستمرُّ النقص في كمِّية الدم الواصل إلى الدماغ فترةً طويلة. يُمكن أن يؤدِّي تضرُّر الدماغ الناجم عن السكتة إلى فقدان القدرة على النطق أو التناسق. وقد يحتاج ذلك إلى دخول المستشفى. يمكن أن تسبِّب السكتاتُ الكبيرة الموت أيضاً. يتعرَّض حوالي ثلث الناس الذين سبق أن أُصيبوا بنوبات إقفارية عابرة إلى سكتات أكثر خطورة في المستقبل. عندما يُسدُّ الشريان، فإنَّ الدم لا يستطيع الوصول إلى الدماغ. هكذا يبدو الشريان الطبيعيُّ إذا تمَّ قطعه من المنتصف. لاحظ الجدران الملساء للشريان. تبدو الشرايينُ بهذه الصورة عند الأطفال واليافعين. يمكن أن تُسدُّ الشرايين بواسطة اللُّويحات التي تتألَّف من الكولستيرول، وحُطام الخلايا، ومواد أُخرى. عندما تسمك طبقة هذه اللويحات،لا تصل الكمية الكافية من الدم الى الدماغ. تُدعى هذه الحالةُ تصلُّبَ الشرايين. يُمكن أن تنفصل قطعة صغيرة من الترسُّبات على جدار الشريان، وتطفو سائرة مع الدم حتَّى تصل إلى الدماغ. يُمكن أن تدخل هذه القطعةُ في أحد الشرايين الصغيرة ضمن الدماغ، وتُغلقه مُسبِّبةً حدوث السكتة.
تشخيص تضيق الشريان السباتي
بما أنَّ مرض الشريان السباتيِّ لا يسبِّب أعراضاً في مراحله المُبكِّرة، فإنَّ من الضروريِّ القيام بزيارات مُنتظمة إلى الطبيب لكشف المشاكل في وقت مُبكِّر. العلاماتُ التي تدلُّ على الإصابة بمرض الشريان السباتي، والتي يُمكن أن تُكشف خلال فحص سريريٍّ روتينيٍّ، هي:
صوت يُشبه النفخة يُسمَّى "اللغَط"، يصدر عن الشريان السباتي.
وجود قطع من الكولستيرول في الأوعية الدمويَّة في قعر العين.
يُمكن أن يقوم الطبيبُ بفحص الشرايين بواسطة اختبار الدُّوبلر "تخطيط الصدى الدوبلري"، وهو فحص يعتمد على الأمواج الصوتيَّة التي تنعكس مرتدةً عن خلايا الدم، وذلك لإنشاء صور متحرِّكة لتيَّار الدم. وربَّما يطلب الطبيب أيضاً إجراء فحوص شعاعيَّة يجري في أثنائها حقنُ أصبغة خاصَّة ضمن الشرايين. وتجعل هذه الأصبغة الشرايين مرئيَّة عند التقاط الصور. ومن هذه الفحوص:
تصوير الأوعية بالرنين المغناطيسي.
تصوير الأوعية الطبقي المحوري.
تصوير الأوعية الدماغيَّة.
علاج تضيق الشريان السباتي
إذا كان الانسدادُ في الشريان السباتي خفيفاً، فإنَّ الطبيب قد ينصح المريض ببعض التَّغييرات في نمط حياته لمنع ظهور الانسداد وحدوث السكتات الدماغيَّة. تشمل هذه التغييراتُ في نمط الحياة ما يلي:
الامتناع عن التدخين.
تناول طعام صحيٍّ يحتوي على كمية قليلة من الدهون.
التمتُّع بالحيويَّة والنشاط وممارسة التمارين الرياضيَّة.
الامتناع عن تناول الملح.
ضبط سكَّر الدم إذا كان الشخص مريضاً بالسكَّري.
المحافظة على ضغط الدم ضمن الحدود الطبيعيَّة.
يمكن اللجوءُ إلى استعمال الأدوية أيضاً لمعالجة بعض أسباب مرض الشريان السباتي، وقد ينصح الطبيبُ باستعمال أدوية من أجل:
خفض ضغط الدم.
خفض الكولستيرول.
منع تكوُّن الجلطات الدمويَّة.
يناقش الطبيبُ مع مريضه الأدوية المناسبة لحالته. ولكن يجب عدم اللجوء إلى أيِّ نظام علاجيٍّ دون مناقشته أوَّلاً مع الطبيب، ويشمل ذلك تلك الأدوية التي تُباع من غير وصفة طبيَّة عادة. قد تدعو الحاجةُ إلى اللجوء للجراحة إذا لم تنجح الأدوية وتغيير أسلوب الحياة للسيطرة على مرض الشريان السباتيِّ أو مُعالجته. يُعدُّ استئصال باطنة الشِّريان السُّباتي أكثر الإجراءات الجراحية استعمالاً لمعالجة مرض الشِّريان السُّباتي، حيث يقوم الطبيبُ خلال هذا الإجراء بفتح الشريان السباتيِّ عبر شقٍّ في مقدِّمة العنق، ثم يفتح الشِّريان السُّباتي المصاب، ويزيل اللُّويحات عن جدرانه الداخلية. قد لا يكون من الممكن استئصال باطنة الشريان السباتي في بعض الأحيان، وعندها قد يقوم الطبيبُ يإجراء ما يُدعى "رأب أو توسيع الشريان" مع وضع دعامة. يتم أثناء عملية رأب الوعاء إزالة الانسداد وفتح الشريان باستعمال بالون، ثم توضع دعامة للمحافظة على الشريان مفتوحاً وتقويته. وعادة ما يتم ذلك عن طريق إدخال قسطرة طويلة في الشراييين. إنّ هذا النوع من الإجراءات لا يحتاج إلى إجراء شق في الرقبة.
الخلاصة
يحدث مرضُ الشريان السباتي عندما تتراكم موادُّ معيَّنة في الشرايين في منطقة العنق. ويمكن أن يؤدِّي ذلك إلى الحدِّ من إمداد الدماغ بالدم أو إلى قطع هذا الإمداد. يؤدِّي توقُّفُ إمداد الدماغ بالدم إلى حدوث السكتة. ويُمكن أن تكون السكتات الدماغيَّة خطيرة، بل مميتة أحياناً. قد يقوم الطبيبُ بإجراء فحص سريري وبعض الفحوص الشعاعيَّة لمساعدته على تشخيص مرض الشريان السباتيِّ. يُمكن أن تشتمل سُبُلُ المعالجة على تغيير نمط حياة المريض وتناول بعض الأدوية. وقد يكون إجراءُ عمل جراحيٍّ ضرورياً في الحالات الشديدة. يستطيع المريضُ أن يطرح ما لديه من اسئلة واستفسارات حول مرض الشريان السباتي على مقدِّم الرِّعاية الصحِّية في مكان إقامته.
0 comments: