تتألَّف عمليةُ زرع القلب من إزالة القلب المصاب أو المريض، ووضع قلب سليم في مكانه. يأتي القلبُ السليم من مُتَبرَّع مُتوَفى. وهذه العمليةُ هي المَلاذُ الأخير للأشخاص المصابين بالفشل
القلبي، وذلك بعد أن تفشلَ طرقُ المعالجة الأخرى كلها. ومن الممكن أن يكونَ الفَشَل القلبي ناتجاً عن داء الشرايين التاجية، أو عن إصابة عَضَلة القلب أو صماماته، أو عن المشكلات الاحتقانية في القلب، أو عن عدوى فيروسية أصابت القلب. لعمليَّة زرع القلب مخاطر كثيرة، رغم أنها عملية تُنقذ حياة المريض. إلا أنَّ دِقة المراقبة والمعالجة والتدابير الطبية المنتظمة يُمكن أن تحمي المريضَ من هذه المخاطر، أو يُمكن أن تساعد على تدبيرها وضبطها. يستطيع معظمُ المرضى الذين يخضعون لعملية زرع القلب أن يعودوا إلى مستوى نشاطهم المعتاد بعد هذه العملية. لكنَّ نسبةَ الذين يعودون إلى أعمالهم تظل أقلَّ من ثلاثين بالمائة من هؤلاء المرضى، وذلك لأسباب مختلفة. مقدمة
يجري في عملية زرع القلب إزالةُ القلب المصاب، ووضع قلب سليم محلَّه. وتعدُّ هذه العمليةُ الملاذَ الأخير للأشخاص المصابين بفشل القلب، وذلك بعد أن تفشلَ المعالجات الأخرى كلها. عمليةُ زرع القلب عمليةٌ منقذة لحياة المريض، لكن لها مخاطر كثيرة. إلاَّ أنَّ دقةَ المراقبة والمعالجة، وكذلك الرعاية الطبية المنتظمة، يمكن أن تقي المريضَ من هذه المخاطر، أو أن تساعد على الوقاية منها أو التحكُّم بها. تشرح هذه المعلوماتُ الصحية عمليةَ زرع القلب وفشل القلب. وهي تتناول ما يمكن توقُّعُه قبلَ هذه العملية الجراحية، وخلالها، وبعدها. كما تتناول كذلك مخاطرَ عملية زرع القلب ومضاعفاتها.
فشل القلب
فشلُ القلب هو عندما يصبح القلبُ غيرَ قادر على ضَخِّ الدم إلى بقية أنحاء الجسم بالمُعَدل الطبيعي. عندما يعجز القلبُ عن ضَخِّ كمِّية الدم التي تصل إليه كلها، فإنَّ هذه السوائل يُمكن أن تعودَ إلى الرئتين وإلى أجزاء أخرى من الجسم. كما أنَّ انخفاضَ كمِّية الدم الذي يصل إلى الجسم وتراكم السوائل أيضاً يُسبِّبان أعراض فشل القلب. هناك مستوياتٌ متعدِّدة من فشل القلب الاحتقاني وهي:
خفيف.
مُتوسِّط.
شديد.
شديد جداً.
من الممكن أن تُؤدِّي مُشكلاتُ القلب إلى فشله. ومن الأمثلة على ذلك:
داء الشريان التاجي.
الأمراض التي تصيب عضلةَ القلب.
النوبات القلبية.
أمراض الصمامات القلبية.
ارتفاع ضغط الدم.
هناك أسبابٌ أخرى لفشل القلب، ومنها:
إدمان الكحول.
بعض علاجات السرطان.
الداء السكَّري.
فيروس عَوَز المناعة المُكتسب/الإيدز.
تعاطي المخدِّرات.
أمراض الدَّرَق.
يكون فشلُ القلب أكثر شُيوعاً لدى كبار السن. لكنَّه يمكن أن يحدث في أي عمر. يُصاب الشبابُ بفشل القلب بسبب مشكلات وِلادية عادةً. وغالباً ما تكون الجراحةُ ضرورية للمعالجة. من الممكن معالجة الحالات الخفيفة من فشل القلب عن طريق:
الأدوية.
تغييرات في نمط الحياة.
إجراءات طبية.
لكنَّ الحالات الشديدة جداً من فشل القلب تحتاج إلى إجراء عملية زرع القلب. وهذه العمليةُ هي عملية جراحية من أجل استبدال القلب المريض ووضع قلب سليم في مكانه. ويُؤخذ هذا القلبُ من مُتبرِّع مُتَوفى.
قبل الجراحة
تعدُّ القلوبُ التي يجري الحصولُ عليها من متبرِّعين أقل من الحاجة. ولذلك، يخضَع المرضى الذين يحتاجون إلى عملية زرع القلب إلى عملية اختيار دقيقة. حيث يجب أن تكونَ حالة المريض الصحية حرجة للحد الذي يُحتم حوجته إلى قلب جديد. لكنَّ حالتَه يجب أن تتحمل عملية زرع القلب أيضاً. إذا كانت عمليةُ زرع القلب مناسبةً للمريض، فإنَّه يُوضَع على قائمة انتظار من أجل الحصول على قلب من متبرع متوفَّى. وتجري مطابقةُ الأعضاء المتوفِّرة عبر المعايير التالية:
زمرة الدم.
حجم الشخص المتبرِّع.
حجم الشخص المُتَلقِّي.
يساعد الوقتُ الذي يمضيه المرضى على قائمة الانتظار على تحديد المريض الذي يجب أن يتلقَّى القلب الآتي من الشخص المتبرع. وإذا وُجِد مريضان اثنان على قائمة الانتظار، وكانا في حاجة متساوية إلى الحصول على القلب الجديد، فمن المرجَّح أن يحصل على القلب المُتَبَرَّع به المريض الذي انتظرَ أطول. يكون المرضى الموضوعون على قائمة الانتظار على صلة مباشرة مع مراكز زرع القلب. ولذلك، يجب أن يصلَ المرضى إلى المستشفى خلال ساعتين من إخطارهم بتوفر القلب الصالح للزرع عادةً. لا يخضع كلُّ من يجري استدعاؤه إلى المستشفى إلى عملية زرع القلب. ففي بعض الأحيان، يكتشف الأطباءُ، في اللحظة الأخيرة، أنَّ قلبَ الشخص المتبرِّع غير مناسب للمريض. خلال انتظار القلب الآتي من متبرِّع، يتلقَّى المريضُ معالجة طبية مستمرة. وقد يتلقَّى بعضُ المرضى جهاز مُقَوِّم نَظْم القلب ومُزيل الرَّجَفان القابِل للزرع أو جِهاز المُساعَدة البُطَينية. وقد يكون هذان الجهازين مفيدين في المحافظة على صحَّة المريض خلال فترة الانتظار. من الممكن أن يبدأَ المريضُ برنامجاً لإعادة التأهيل القلبي أيضاً. ومن الممكن أن يكونَ هذا البرنامج مفيداً من أجل تحسين حالة المريض الجسدية قبلَ عملية زرع القلب.
زرع القلب
تجرى عملية زرع القلب تحت التخدير العام. حيث يكون المريضُ نائماً خلال العملية، ولا يتذكَّر شيئاً عنها. تُجرَى عمليةُ زرع القلب عن طريق ما يُعرَف باسم "جراحة القلب المفتوح"، حيث يُجرى شقٌ كبيرٌ في صدر المريض. وبعد ذلك، يُفتَح القفص الصدري حتى يستطيع مقدم الرعاية الصحية الوصولَ إلى القلب. يوصل أكبر الشرايين والأوردة في جسم المريض إلى آلة "المَجازَة القلبية الرئوية"، حيث تقوم هذه الآلةُ بضخِّ الدم عبر رئتي المريض وجسمه خلال العملية. يقوم الجرَّاح بإزالة القلب المريض. ويضع القلبَ السليم في مكانه، ثم يصله إلى الأوردة والشرايين الرئيسية في جسم المريض. ولا يجري استبدالُ هذه الأوعية الدموية كجزء من العملية. عندَ انتهاء العملية، تُفصَل المَجازةُ القلبية الرئوية. ثم يُغلَق الشقُّ الجراحي في صدر المريض عن طريق الغرزات الجراحية. تستغرق عمليةُ زرع القلب أربع ساعات تقريباً. لكنَّ المريضَ يظل في المستشفى مُدةَ أسبوعين بعد الجراحة.
المخاطر والمضاعفات
تشتمل مخاطرُ عملية زرع القلب ومضاعفاتها على مخاطر ومضاعفات متعلقة بالتخدير العام، وكذلك على مخاطر ومضاعفات متعلِّقة بأي نوع من أنواع الجراحة. التخديرُ آمن. لكنَّ لأدوية التخدير بعض المخاطر، مثلها مثل بقية الأدوية. وقد تشتمل مضاعفاتُ التخدير العام على ما يلي:
مُشكلات التنفُّس.
تكَسر الأسنان.
جرح الشفتين.
الصداع.
التهاب الحلق.
احتباس البول.
في بعض الحالات النادرة، يمكن أن يُسببَ التخدير مضاعفات خطيرة. ومن هذه المضاعفات:
عدوى الرئتين.
السكتة.
النوبة القلبية.
الوفاة.
يتحدَّث طبيبُ التخدير مع المريض قبل العملية، ويسأله عن الأدوية التي يتناولها، كما يشرح له مخاطرَ التخدير ومضاعفاته. قبل العملية، يتحدَّث طبيبُ التخدير مع المريض عن هذه المخاطر. كما يسأله عن الأدوية التي يتناولها. من الممكن أن تتشكَّلَ جلطات دموية في الساقين بسبب انعدام الحركة خلال العملية وبعدها. وتظهر هذه الجلطاتُ بعد عدة أيام من العملية عادةً. و تُسبِّب ألماً وتورُّماً في الساق. قد تتحرَّك الجلطاتُ الدموية من الساق فتصل إلى الرئتين، حيث تُسبب قِصَر النفس وألم الصدر، وقد تسبِّب الوفاة أيضاً. يجب إخبارُ مقدم الرعاية الصحية فوراً إذا شعر المريض بأعراض الجلطة الدموية. في بعض الأحيان، يمكن أن يحدث قصر النفس من غير سابق إنذار. ولذلك، فالنهوضُ من الفراش في أقصر فترة زمنية ممكنة بعد العملية يمكن أن يكونَ مفيداً من أجل تقليل خطر هذه المضاعفات. تكون هناك مخاطر ترافق أيَّ عملية جراحية عادةً. وقد تشتمل المضاعفات على ما يلي:
النزف خلال العملية الجراحية أو بعدها. وقد يتطلب النزف إجراء نقل دم للمريض.
العدوى، عميقةً أو على مستوى الجلد.
ندبات جلدية يمكن أن تكونَ مؤلمة أو قبيحة المظهر.
هناك أيضاً مخاطر ومضاعفات متعلِّقة بهذه العملية تحديداً. وقد تشتمل المضاعفاتُ المتعلقة بعملية زرع القلب على ما يلي:
فشل القلب الجديد.
ارتفاع ضغط الدم.
ارتفاع مستويات الكولسترول.
تَخَلخُل أو هشاشة العظام.
من الممكن أن يفشلَ القلبُ الجديد مع مرور الزمن. وقد يحدث هذا نتيجة الأسباب نفسها التي أدت إلى فشل القلب الأصلي. ومن الممكن أن يحدثَ فشل القلب الجديد أيضاً إذا رفضه جسم المريض. يحدث الرفضُ إذا تصرَّف جهاز المناعة في جسم المريض تجاه القلب الجديد على أنَّه جسم غريب فقام بمهاجمته. وهذا هو أحد أهم الأسباب المؤدية إلى الوفاة خلال السنة الأولى بعد زرع القلب. ومن المرجَّح أن يحدثَ ذلك خلال ستة أشهر من عملية الزرع. يحدث ارتفاعُ ضغط الدم لدى أكثر من سبعين بالمائة من مرضى زرع القلب، وذلك خلال السنة الأولى بعد عملية الزرع. وهو يحدث لدى نحو خمسة وتسعين بالمائة من مرضى زرع القلب خلال السنوات الخمس التي تعقُب العملية. يظهر ارتفاعُ الكولسترول والشحوم الثلاثية في الدم لدى أربعة وثمانين بالمائة من مرضى زرع القلب، خلال خمس سنوات من العملية. من الممكن أن تحدثَ مضاعفاتٌ أخرى أيضاً بعد عملية زرع القلب، وذلك إذا لم يلتزم المريضُ بتعليمات مقدم الرعاية الصحية.
بعد الجراحة
يُعطى المريض أدوية مضادَّة للألم بعد عملية الزرع. كما يكون موضوعاً على المنفِّسة مع وجود أنابيب في صدره. والمنفِّسةُ تساعد المريض على التنفُّس. وأمَّا الأنابيبُ فهي تقوم بنَزِح السوائل من القلب والرئتين، ومن حولهما أيضاً. غالباً ما يتوجب على المريضُ أن يظل في المستشفى مدةَ تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين بعد العملية. وبعدَ ذهاب المريض إلى بيته، يكون عليه أن يراجع المستشفى من أجل الفحوص المنتظمة، وذلك لمدة ثلاثة أشهر على الأقل. ومن الممكن إجراءُ خزعة قلبية لمعرفة ما إذا كان جسم المريض يرفض القلبَ الجديد أم لا. خلال عمليةِ الخزعة القلبية، يجرى إدخالُ جهاز صغير جداً في أحد الأوردة في رقبة المريض أو في المنطقة الأربية أعلى الفخذ. كما يجرى دفعُ هذا الجهاز عبر الوريد حتى يصل إلى القلب الجديد. وهناك، يقوم الجهاز بأخذ عيِّنة صغيرة من النسيج. ثم تُفحَص هذه العينة بحثاً عن علامات الرفض. على المريض أن يراقبَ ظهورَ علامات الرفض بعد عملية زرع القلب. ويخبر مقدم الرعاية الصحية المريض عن هذه العلامات والأعراض التي يجب أن يراقبها. بعدَ عملية زرع القلب، من المرجح أن يواصل المريض برنامج إعادة التأهيل القلبي. وعليه أن يلتزمَ بجميع الفحوص الطبية، وأن يتناول أدويته في مواعيدها. على المريض إجراء تغييرات في نمط حياته أيضاً. وتشتمل هذه التغييراتُ على الالتزام بنظام غذائي صحي للقلب. من الممكن أن يجري ضبطُ مضاعفات عملية زرع القلب من خلال الأدوية وتغييرات نمط الحياة. كما يحتاج المريضُ بعد عملية الزرع أيضاً إلى تناول كابِتات المَناعة. وهذه الأدويةُ تساعد على إضعاف الجهاز المناعي، أو كبته.
الخلاصة
تجرى في عملية زرع القلب إزالةُ القلب المصاب أو المريض، ووضع قلب سليم في مكانه. ويأتي القلب السليم من متبرع مُتوَفى دماغياً. وهذه العملية هي الملاذ الأخير للأشخاص المصابين بالفشل القلبي، وذلك بعد أن تفشلَ طرق المعالجة الأخرى كلها. القلوبُ التي يجري الحصولُ عليها من متبرعين هي أقل من الحاجة. ولذلك، يمرُّ المرضى الذين يحتاجون إلى عملية زرع القلب عبر عملية اختيار دقيقة. ويجب أن تكونَ حالة المريض الصحية حرجة للحد الذي يُحتم حوجته إلى قلب جديد. لكنَّ حالتَه يجب أن تتحمل عملية زرع القلب أيضاً. ويظل المرضى الموضوعون على قائمة الانتظار على اتصال مباشر مع مراكز زرع القلب. تجرى عمليةُ زرع القلب من خلال جراحة القلب المفتوح. وتستغرق هذه العمليةُ نحوَ أربع ساعات. كما يبقى المريض في المستشفى قرابة أسبوعين بعد عملية زرع القلب الجديد. على المريض مراقبة علامات رفض القلب الجديد بعد إجراء العملية. ويشرح مقدم الرعاية الصحية للمريض هذه العلامات والأعراض التي يجب أن يراقبها. كما يكون على المريض أيضاً تناول بعض الأدوية وفق المواعيد المحددة لها، وأن يلتزمَ بنظام غذائي صحي للقلب، إضافة إلى التمارين الرياضية المناسبة. عمليةُ زرع القلب عمليةٌ منقذة لحياة المريض، لكن لها مخاطر كثيرة. إلاَّ أنَّ دقة المراقبة والمعالجة، وكذلك الرعاية الطبية المنتظمة، يمكن أن تقي المريضَ من هذه المخاطر، أو أن تساعد على الوقاية منها أو التحكُّم بها.
0 comments: