الأربعاء، 16 مارس 2016

بورك لامتي في البكور

بورك لامتي في البكور
الاستيقاظ باكراً، قد يكون هدف الكثير من الناس، فهل يمكن الاستيقاظ باكراً كل يوم بنشاط وحيوية كاملين للحصول على فوائد الإبكار..! 

في الواقع فإن استيقاظ الإنسان متأخراً كل يوم يضيع عليه الكثير والكثير من الفوائد، لأن للاستيقاظ باكراً روعته الخاصة مهما بدا الأمر مزعجاً في بدايته.
إليكم أفضل 6 فوائد للاستيقاظ باكراً، وهي من الفوائد التي ستجنيها إذا قمت بالاستيقاظ باكراً كل يوم:

1-  زيادة مستويات الطاقة في الجسم:
إن الأشخاص الذين ينامون بكثرة غالباً ما يشعرون بالتعب والخمول بقية اليوم, لذلك فإن أحد الفوائد الكبيرة للاستيقاظ باكراً هي استنشاق الهواء النقي الذي يفجر الطاقة داخل الإنسان ويجعله يشعر بالنشاط والحيوية والشباب أيضاً.

2-  تناول الفطور المغذي:
لا يخفى على أحد أن أهم وجبة في اليوم هي وجبة الإفطار, إلا أن الكثير من الناس يتجاهل هذه الوجبة بسبب تأخره في النوم واضطراره لأن يغادر المنزل سريعاً مما يتسبب بانخفاض الطاقة في الجسم وبالتالي انخفاض العمليات الحيوية في الجسم كالاستقلاب وبالتالي لا يتم حرق الدهون والسعرات الحرارية من الجسم, لذلك فإن أحد فوائد الاستيقاظ باكراً هي القدرة على تناول الفطور الصحي المغذي الغني بالمواد الغذائية والذي يحفز الجسم ويجعله يشع طاقة وقوة.

3-  ممارسة الرياضة: 
الكثير يتحجج بأسباب واهية لعدم ممارسة الرياضة وأهم هذه الأسباب هو عدم وجود الوقت لذلك, لذا فإن من أهم فوائد الاستيقاظ باكراً هي أن يصبح لدى الإنسان متسع من الوقت لممارسة الرياضة. وليست الرياضة مفيدة للمحافظة على قوام ممشوق فقط بل إن ممارسة الرياضة تزيد من مستويات الأندروفين في الجسم وهو هرمون يحسن المزاج وبالتالي يتم الشعور بالسعادة والفرح طوال اليوم.
 بورك لأمتي في بكورها



عن صخر بن وداعة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
( اللهم بارك لأمتي في بكورها). 
قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشا ، بعثهم أول النهار . وكان صخر رجلا تاجرا ، وكان إذا بعث تجارة بعثها أول النهار ، فأثرى وكثر ماله . رواه أبو داود والترمذي .
من مفسدات القلب، المانع من نزول البركة في الرزق، المورث خسارة منافع دنيوية وأجور أخروية، والذي يحرم الإنسان السرور أيامه ولياليه، ويكتب عليه الهم الدائم، والاكتئاب، ومرارة العيش، وضيق النفس، وقلق القلب، وفقدان الشعور بلذة الحياة وجمالها، والذي ينزع البركة من العمر. 
والأيام والليالي تمر والحياة سقيمة، يعتورها الملل، تذهب البسمة، ويذهب الفرح، فلا تراه إلا وهو محتار، لا يهنأ بعيش، ولا يفرح بطيش، لا تزول همومه بسفر، ولا في حضر، قد لازمته ملازمة الشمس للنهار، والظلام لليل.
يسأل نفسه لماذا حياتي هكذا ؟!.. وهل كل الناس مثلي ؟!.: 
- النوم في أول النهار، وتضييع صلاة الفجر، وما بعده حتى وقت القيلولة. 
هو سبب رئيس لكل ذلك.. أكثر الناس ينامون من قبل الفجر، ويمر عليهم الفجر وهم نائمون، ويمر أول النهار وهم نائمون، ويمر وقت الضحى وهم نائمون، إلى الظهيرة وقت القيلولة، حيث يبدأ يومهم ونهارهم ، لينتهي في منتصف الليل وقرب الفجر، ليبدأ ليلهم بعد ذلك، ويستمر إلى وقت الظهر، وهكذا كل يوم..!!. 
لا يشعرون بقلوبهم، ونفوسهم، وأبدانهم:كيف أنها تضمحل، وتهزل، وتضعف، ويصيبها الأمراض، الحسية والمعنوية ببطء، ولا يفيقون إلا بعد التبدل مرضا، وضيقا، وقلقا.
إبطال سنة الليل وسنة النهار: مخالفة لسنة الله تعالى في خلقه. فقد جعل الله تعالى الليل لباسا، والنوم سباتا، وجعله سكنا، وجعل النهار معاشا وحركة، وهو الحكيم الخبير، يعلم ما الذي يصلح شأن عباده في الدنيا، فإذا صادم الإنسان سنة الله الكونية، وقلب الساعات قلبا، وخالف طريق السير، وصار بمواجهة السنن، فلا يلومن إلا نفسه.
يقول الله تعالى ممتنا على عباده بنعمة الليل للسكن والنوم، ونعمة النهار للمعاش:
"هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ، إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون". 
"وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا ".
إن الذي ينام نهاره قد ضيع غنيمتين عظيمتين :
الغنيمة الأولى : واجب الله عليه: صلاة الفجر في جماعة .
والغنيمة الثانية : بركة أول النهار، الوقت الذي تقسم فيه الأرزاق، فيحرم ذلك الرزق الإلهي في يومه؛ لنومه.
فمن ضيع حق الله الواجب عليه، فلا عجب أن يعيش في: قلق، وثبور، ونقصان، وكدر. لما يجده من عقاب الله عليه، لإهماله ما وجب عليه.. أرأيتم إنسانا لا يقوم بوظيفته كما يجب، فيجد توبيخا من صاحب العمل، وربما خصم شيئا من أجرته: ألا يجد ألما في نفسه من التوبيخ، وحرمان الأجرة ؟. 
فكيف الذي يضيع حق الله تعالى؟!.
وقد دعى عليه الصلاة والسلام بالبركة، لمن اغتنم هذا الوقت، في أموره عامة، سواء كانت دنيوية أو أخروية:
(بورك لأمتي في بكورها). 
فمن ضيعه فقد حرم رزقا كان ينتظره من الله تعالى، لو أنه انطلق في نهاره مستيقظا، متطلعا لفضل الله تعالى، فإذا ضاع عليه ذلك الرزق الإلهي، فهذا من أسباب سخطه وضيق صدره .
وللشيطان سعي في حرمان الإنسان من القيام بواجبه، وتحصيل بركة اليوم، فيزين سهر الليل، بشتى الأعذار، وما أكثرها..!!. حتى تمر الساعات الطويلة ولا ينام، فإذا اقترب وقت الفجر تركه لينام عن الصلاة وعن أول النهار، فلا يستيقظ إلا ظهرا، فيكون مع الشيطان دوما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حدث فقال: 
( قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل ). 
فأمر بالنوم وقت الظهيرة، وعلل ذلك بأن الشياطين لا تنام في ذلك الوقت، فإذا نام الإنسان ذلك الوقت خالفها، وسلم من وسواسها، لكن كيف للنائم نهاره أن ينام القيلولة ؟، وكيف له مخالفتها؟، وكيف يسلم منها ؟!.

* * *

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
( من صلى الصبح في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له أجر حجة وعمرة: تامة، تامة، تامة ) رواه الترمذي .
إن قضاء الوقت بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس في الذكر، إحدى الغنائم التي يحصلها ذلك المستيقظ:
فإن له أجر حجة وعمرة تامتين. 
وفي بعض الآثار :كعتق أربعة رقاب من ولد إسماعيل. 
وفي بعضها يدخل الجنة، ويحرم على النار، ويغفر ذنبه، وإن كان مثل زبد البحر.
كل هذه الأجور وضعت، لتحمل على اغتنام هذا الوقت الفضيل، فهذه من رحمة الله تعالى؛ يدعو عباده إلى ما فيه حظهم وصلاحهم الدنيوي، بترتيب الأجور الأخروية على إجابتهم.

* * *

وقد جرت الإشادة بصلاة الفجر في القرآن والسنة: 
(1) أقسم الله بالفجر، فقال:{ والفجر * وليال عشر }؛ يعني صلاة الصبح، ورد عن ابن عباس عند ابن جرير. 
(2) أمر بإقامتها، وذكر شهودها من الملائكة، فقال تعالى: { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا }؛ أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، فإن الملائكة تتعاقب على بني آدم، فملائكة تكون بالليل، ثم يحل محلها ملائكة بالنهار، وموعد التعاقب صلاة الفجر وصلاة العصر، ولأن القراءة في الفجر جهرية، فإن الملائكة تشهدها، وإحساس المصلي بها، تشهد مع الصلاة، تحفظه بإذن الله، وتثبته، وتدعو له بالرحمة: يزيد في الإيمان، قال عليه الصلاة والسلام :
( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي؟، فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) متفق عليه. 
ولأجله كان النبي عليه الصلاة والسلام يطيلها أكثر مما يطيل غيرها، فيدخل الصلاة والظلام باق، ولا ينصرف منها، إلا والنور قد ظهر، يصلي ويقرأ قدر مائة آية.
(3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الفجر في جماعة فكأنما قام ليلة). رواه الترمذي
(4) نافلة الفجر خير من الدنيا وما عليها، قال عليه الصلاة والسلام: ( لا تتركوها ولو طردتكم الخيل ). وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهدها، ولايتركها، في السفر كان لا يصلي السنن الرواتب إلا سنة الفجر، فلم يكن يتركها أبدا، فإذا كانت ركعتا الفجر - وهي سنة- خير من الدنيا، ورسول الله يتعاهدها، كما يتعاهد الرجل بيته وأهله وأشد، فكيف بالفريضة ذاتها؟. فلا شك أن الفريضة أعظم أجرا وثوابا من السنة.
(5) جاء في بعض الآثار، كما في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح للحافظ ابن القيم الجوزية: 
أن أوقات أهل الجنة: كوقت الإسفار. وهو الوقت من انتشار النور، حتى قبيل طلوع الشمس. 
فهذا الوقت يذكر بالبقاء والدوام في الجنة، وهذا يوجب علينا أن نشهده دائما، فلو قيل: 
إن في المكان الفلاني ثمرا من ثمار الجنة، أو بيتا من بيوت الجنة. 
فنحن نتسابق للنظر إليه. فالآن قد فهمنا أن وقت الفجر، هو أشبه الأوقات بأوقات الجنة، التي ليس فيها شمس ولا زمهرير، فشهوده يسلي المؤمن، ويذهب عنه الحزن، ويرجيه في دخول الجنة.

* * *

إن صلاة الفجر أول اليوم وبدايته. والبدايات لها أثر كبير على النهايات، فكلما كانت البداية موفقة، كانت النهاية مسددة، وكلما كانت البداية متعثرة، كانت النهاية فاشلة.
فالذي يحافظ على صلاة أول النهار كاملة، من سنتها إلى فريضتها، فإنه يبدأ يومه بداية موفقة، ثم بعد ينطلق في حاجاته الدنيوية والأخروية، فيصادف من التوفيق ما لا يجد مثله، ولا جزءا منه، من نام وفاته صلاة الفجر، فإنه يقوم خبيث النفس كسلان، محروما من النجاح في يومه ذاك.
ثم صلاة العصر، وهي صلاة مقابلة لصلاة الفجر، هذه أول النهار وتلك آخرها، ففيها تجديد العهد بالإيمان والقرب من الله تعالى، وتوديع اليوم الذي لم يبق منه إلا ساعات، فمن ختم يومه بطاعة كما بدأه بطاعة، فهو في ظل التوفيق والإعانة، فإنه يرزق خير الليل، ولا يحرم بركته، فيكون من فرسانه وقوامه، من الساجدين الراكعين، فمن عمل صالحا في نهاره كوفيء في ليله، ومن عمل صالحا في ليله كوفيء في نهاره.
والكلام على العصر، يجر الكلام على فضيلة هذين الوقتين مجتمعين مقترنين:

* * *

الغدو .. والآصال.
إن في اليوم وقتين غنيمتين، أمر الله تعالى المؤمنين بذكره فيهما، كما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: 
"يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا * هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما" .
"واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولاتكن من الغافلين" .

وقد رتب الأجور العظيمة على القيام بهما، فمن ذلك: 
(1) من حافظ عليهما في المسجد: دخل الجنة وحرم على النار. قال عليه الصلاة والسلام: 
( من صلى البردين دخل الجنة ) متفق عليه. والبردان: الصبح والعصر.
وقال: (لن يلج النار أحد صلى قبل الشمس وقبل غروبها)؛ يعني صلاة الفجر والعصر. رواه مسلم. 
والعلة كما حكى العلماء في دليل الفالحين شرح رياض الصالحين:
أن صلاة الفجر في وقت النوم، وصلاة العصر في وقت العمل، فمن ترك نومه لله تعالى، ولم يلهه عمله عن ذكر الله تعالى، فهو حري بأن يدخل الجنة، ويحرم على النار.

(2) رزق أهل الجنة في الجنة، في هذين الوقتين، قال الله تعالى:
" جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا * لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ".
فقد جعل الله تعالى رزق المؤمنين في الجنة، في البكرة وهو الصباح، وفي العشي وهو العصر، جزاء لهم لما ثابروا على ذكره في البكرة والعشي، أعطاهم ثوابهم في الوقت الذي ذكروه فيه، قال تعالى:
"في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب }.
والغدو هو: البكرة. وهو الصباح، والآصال هو: العشي. وهو العصر.

(3) من أعجب الأجور وأحلاها على قلب المؤمن، المحرضة على صلاة الفجر والعصر، ذلك الحديث الذي يبشر من حافظ على هاتين الصلاتين في وقتها، بأنه يرى ربه يوم القيامة، وهذه من أعظم البشارات، ولو لم يكن من فضل المحافظة على صلاتي الفجر والعصر في أوقاتهما إلا رؤية الله تعالى لكفى، وقد كان عليه الصلاة والسلام يدعو الله تعالى أن يرزقه النظر إلى وجهه الكريم، وهو أعلى نعيم على أهل الجنة، وأقسى عذاب أهل النار حجابهم عن رؤية الله تعالى:
قال جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: ( إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، فافعلوا ). متفق عليه

* * *

وقد ورد في خصوص صلاة العصر من الفضل، أنها ذكرت في القرآن بالأمر بالحفاظ عليها، فقال تعالى: 
"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين".
والصلاة الوسطى هي صلاة العصر، ورد عن علي وابن عباس وغيره ، فقد أمر الله بالحفاظ عليها خاصة.
والشارع حذر من التهاون في صلاة العصر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
( من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله ) رواه البخاري .
فهذا تهديد شديد، اختلف العلماء في تفسيره، وأهون أقوالهم أنه من باب التغليط، وأشدها أن تارك الصلاة عمدا يكفر، كما ورد عن الإمام أحمد( دليل الفالحين صـ237) . وقوله عليه الصلاة والسلام : 
( من فاتته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله )؛ أي فقدهم، ففقده لصلاة العصر أشد من فقده لأهله وماله.

* * *

هذان الوقتان زاد المؤمن، يتزود فيهما ليومه وليله من القوت الإيماني، لينطلق في سرور وفرح، وفيهما معنى خاصا: 
فالصبح أول اليوم، وهو يذكر بالبداية: بداية الإنسان، وبداية الدنيا، وبداية كل شيء. فيبدأ المؤمن بذكر الله في ذلك الوقت، يسأله الإعانة، ويستعيذ به من الخذلان والشيطان. وهو وقت هواؤه طيب، وفيه السكون والهدوء، الذي يطلب في الأسفار والرحلات، فإذا اجتمع الهدوء والسكون، مع طيب الهواء، ووافق فيه ذكر الله، وسؤاله، فإن القلب يكون أكثر حضورا واستشعارا وخشوعا، ومن ثم ينتفع بذلك الذكر انتفاعا عظيما.
والعصر آخر اليوم، وهو يذكر بالنهاية: نهاية الإنسان، ونهاية الدنيا، ونهاية كل شيء. كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بين أصحابه بعد صلاة العصر، والشمس آخذة في الغروب بين الجبال، فقال: 
( ما بقي من عمر الدنيا إلا كما بقي من عمر هذا اليوم ) .
وهكذا يتذكر المؤمن، وهو يذكر الله تعالى، في ساعة العصر: أن كل شيء فان، ولا يبقى إلا وجه الرب جل شانه. فحينذاك يخشع، ويزول من قلبه وساوس الدنيا، ويعلم أن الفناء وتلك النهاية ستلحقه، فإذا وقر في قلبه الموت وزوال الدنيا وصادفه ذكر الله تعالى، فإنه سيجد إيمانا عظيما يدفعه إلى العمل وترك الكسل والعصيان.

* * *

والأذكار التي تقال في هذين الوقتين، تسمى في أقوال العلماء بأذكار الصباح والمساء، فمنها:
- التسبيح مائة مرة. (بكرة وأصيلا)
- ومنها التهليل مائة مرة. (بكرة) 
- التهليل عشرة. (بكرة وأصيلا)
- والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر مرات. (بكرة وأصيلا)
- وقراءة المعوذات ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا)
- وقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا)
- وقول : رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا) 
- وقول : سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا)
- وسيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وعلى عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. (بكرة وأصيلا).

* * *

الحقيقة أن هاتين الصلاتين فيهما من الأسرار والمعاني ما تملؤ قلوبنا إيمانا ويقينا، وتبث في الأرواح العزيمة لاغتنامها:
- فكل مسلم محتاج إلى ما فيها ليسعد. 
- وكل داعية إلى الله تعالى فقير إلى ما فيها ليثبت. 
فمن لم يكن من المحافظين على الصلاتين ، فكيف يكون مصلحا للناس داعيا لهم، بل الواجب في كل من حمل هم الإصلاح ودعوة الناس: أن يكون أسبق الناس إلى هاتين الصلاتين خصوصا. لا يلهيه عن ذلك شيء . 

4-  عند الاستيقاظ باكراً تصبح أكثر انتاجية:
لكل من يرغب بأن يصبح أكثر أبداعاً وانتاجاً في مجاله بغض النظر عن ذلك المجال, فإن الاستيقاظ باكراً من أهم الأمور التي تمكنه من فعل ذلك لأن البال والذهن يصفى بشكل كبير عند الاستيقاظ باكراً مما يجعل الأفكار الإبداعية والجديدة تنهمر بكثرة على الإنسان.

5-  التقليل من التوتر وعصبية الصباح:
توتر الصباح هو أمر يواجه جميع الطلاب والعاملين وذلك لاضطرارهم لإنجاز الكثير من الأمور في وقت قصير وخوفهم من التأخر علة مدارسهم وأعمالهم, وهذا التوتر من الممكن أن يتم تجنبه بالاستيقاظ باكراً وبذلك يحافظ الشخص على هدوءه وعلى استرخاءه وراحة أعصابه.

6-  الصلاة والتأمل:
يجب أن يجد الإنسان متسعاً من الوقت لروحه حتى يحدث التوازن بين الروح والجسم لتتحقق السعادة المطلقة, وأفضل وقت لذلك هو وقت الصباح الباكر لأن الهدوء الموجود يتيح فرصة للصلاة وللتأمل وتطهير العقل والروح.
الحمد لله

أولاً :

كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يعملون الأعمال الشاقة كالزراعة والرعي وجمع الحطب ونحو ذلك ولم يكونوا من المفرطين في صلاتهم ، بل كانوا محافظين عليها ليس في وقتها وحسب بل وفي جماعة ، وحافظوا على العبادة وطلب العلم ، ولم تأت الرخصة لهم في ترك الصلاة من أجل العمل .

ولذلك فالواجب على أهل الأعمال وغيرهم أداء الصلوات في أوقاتها . وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين بأنهم لا تشغلهم أعمالهم عن طاعة الله تعالى ، فقال : ( رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) النور/37-38 .

ثانياً :

والنائم معذور وقت نومه ، فإذا استيقظ وجب عليه أداء الصلاة بعد استيقاظه .

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) رواه البخاري ( 572 ) ومسلم ( 684 ) .

قال الشوكاني رحمه الله :

" الحديث يدل على أن النائم ليس بمكلف حال نومه وهو إجماع ...

وظاهر الحديث أنه لا تفريط في النوم سواء كان قبل دخول وقت الصلاة أو بعده قبل تضيقه وقيل : إنه إذا تعمد النوم قبل تضيق الوقت واتخذ ذلك ذريعة إلى ترك الصلاة لغلبة ظنه أنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت كان آثما , والظاهر أنه لا إثم عليه بالنظر إلى النوم ; لأنه فعله في وقت يباح فعله فيه فيشمله الحديث , وأما إذا نظر إلى التسبب به للترك فلا إشكال في العصيان بذلك " انتهى .

" نيل الأوطار " ( 2 / 33 ، 34 ) .

ثالثاً :

والواجب على النائم قبل نومه أن يحرص على الاستيقاظ في وقت الصلاة ، وأن يأخذ بالأسباب التي تعينه على أداء الصلاة في وقتها ، فإن فعل ولم يستيقظ فهو معذور لأنه أدى الذي عليه و ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) ، وقد حصل هذا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره .

فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقال بعض القوم : لو عَرَّست بنا يا رسول الله ( أي : نزلت بنا آخر الليل حتى نستريح ) ، قال : أخاف أن تناموا عن الصلاة ، قال بلال : أنا أوقظكم ، فاضطجعوا وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام ، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس ، فقال : يا بلال أين ما قلت ؟ قال : ما ألقيت علي نومة مثلها قط ، قال : إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء ، يا بلال قم فأذن بالناس بالصلاة ، فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابياضت قام فصلى . رواه البخاري ( 570 ) ومسلم ( 681 ) وعنده : ( احفظوا علينا صلاتنا ) .

فالنبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بأسباب الاستيقاظ بجعله بلالاً لينبههم لصلاتهم ، إلا أنه غلبته عيناه ، فنام ونام القوم معه حتى طلعت الشمس ولم يكونوا مفرطين ، ولذلك قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنه ليس في النوم تفريط ) .

وأما من سهر في عمل أو غيره ولم يأخذ بأسباب الاستيقاظ فصلَّى بعد الوقت : فيعتبر تاركاً للصلاة متعمداً ، وهو غير معذور بنومه .

وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

عمن يسهر ولا يستطيع أن يصلي الفجر إلا بعد خروج الوقت فهل تقبل منه ؟ وحكم بقية الصلوات التي يصليها في الوقت ؟

فأجاب :

" أما صلاة الفجر التي يؤخرها عن وقتها وهو قادر على أن يصليها في الوقت لأن بإمكانه أن ينام مبكراً فإن صلاته هذه لا تقبل منه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) رواه مسلم ، والذي يؤخر الصلاة عن وقتها عمداً بلا عذر : قد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردوداً عليه .

لكن قد يقول : إنني أنام ، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) .

فنقول : إذا كان بإمكانه أن ينام مبكراً ليستيقظ مبكراً ، أو يجعل عنده ساعة تنبهه ، أو يوصي من ينبهه : فإن تأخيره الصلاة ، وعدم قيامه يعتبر تعمداً لتأخير الصلاة عن وقتها ، فلا تقبل منه " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 14 ) .

رابعاً :

وقد يكون الرجل ثقيل النوم ، فهذا على حالين :

الحال الأولى : أن يكون ثقل نومه بسبب سهره في العمل أو في طلب العلم أو قيام الليل : فمثل هذا لا يجوز له أن يتسبب في تضييع الصلاة عن وقتها من أجل ما سبق ، ويجب عليه أن يبحث عن عمل آخر لا يسبب له تضييع الصلوات ، كما لا يجوز له الاشتغال بالنوافل أو حتى طلب العلم – وهو واجب في أصله – على حساب تضييع الصلوات ، وترك الصلاة هنا يعتبر تعمداً ؛ لأنه يستطيع تغيير العمل ، ويستطيع ترك السهر .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

" الواجب على الإخوة الذين يخرجون إلى الرحلات أن يشكروا الله تعالى على هذه النعمة حيث جعلهم في رخاء ويسر من العيش ، وفي أمن وأمان من الخوف ، ويقوموا بما أوجب الله عليهم من الصلاة في أوقاتها ، سواء صلاة الفجر أم غيرها ، ولا يحل لهم أن يؤخروا صلاة الفجر عن وقتها بحجة أنهم نائمون ، لأن هذا النوم لا يعذرون فيه غالباً لكونهم يستطيعون أن يكون لهم منبهات تنبههم للصلاة في وقتها ، ويستطيعون أن يناموا مبكرين حتى يقوموا نشيطين " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 14 ) .

وأما الحال الثانية : أن يكون ثقل النوم طبعاً في الرجل ، وليس له تعلق بسهر أو عمل ، وقد عرف هذا عن بعض الأقوام والأشخاص ، فإن كان كذلك : فهو معذور إن كان قد أخذ بالأسباب ولم يستيقظ .

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقالت : يا رسول الله إن زوجي صفوان بن المعطل لا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ، قال : وصفوان عنده ، قال : فسأله عما قالت ، فقال : يا رسول الله إنا أهل بيت قد عرف لنا ذاك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس قال : ( فإذا استيقظت فصلِّ ) .

رواه أبو داود ( 2459 ) وصححه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 65 ) .

والخلاصة :

أن الذي يظهر من حالك أن ثقل نومك له تعلق بالسهر ، والسهر كان بسبب العمل وعليه : فلا يجوز لك البقاء في عملك هذا ؛ لأنه يؤدي بك إلى ترك أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، فابحث عن عمل غيره يعوضك الله خيراً منه . وسترى التغير الطيب في دينك وجسمك ونفسيتك ، أما الدين : فإن أداء الصلوات في أوقاتها من أعظم الواجبات ، وتركه من أعظم المحرمات ، وأما جسمك : فإن علماء الطب قد ذكروا مضار كثيرة لمن يعمل بالليل ، وأن نوم النهار لا يعطي الجسم الراحة التي تحصل له من نوم الليل ، وكل ما سبق يؤثر على نفسيتك تأثيراً سلبيّاً .


بورك لأمتي في بكورها



عن صخر بن وداعة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
( اللهم بارك لأمتي في بكورها). 
قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشا ، بعثهم أول النهار . وكان صخر رجلا تاجرا ، وكان إذا بعث تجارة بعثها أول النهار ، فأثرى وكثر ماله . رواه أبو داود والترمذي .
من مفسدات القلب، المانع من نزول البركة في الرزق، المورث خسارة منافع دنيوية وأجور أخروية، والذي يحرم الإنسان السرور أيامه ولياليه، ويكتب عليه الهم الدائم، والاكتئاب، ومرارة العيش، وضيق النفس، وقلق القلب، وفقدان الشعور بلذة الحياة وجمالها، والذي ينزع البركة من العمر. 
والأيام والليالي تمر والحياة سقيمة، يعتورها الملل، تذهب البسمة، ويذهب الفرح، فلا تراه إلا وهو محتار، لا يهنأ بعيش، ولا يفرح بطيش، لا تزول همومه بسفر، ولا في حضر، قد لازمته ملازمة الشمس للنهار، والظلام لليل.
يسأل نفسه لماذا حياتي هكذا ؟!.. وهل كل الناس مثلي ؟!.: 
- النوم في أول النهار، وتضييع صلاة الفجر، وما بعده حتى وقت القيلولة. 
هو سبب رئيس لكل ذلك.. أكثر الناس ينامون من قبل الفجر، ويمر عليهم الفجر وهم نائمون، ويمر أول النهار وهم نائمون، ويمر وقت الضحى وهم نائمون، إلى الظهيرة وقت القيلولة، حيث يبدأ يومهم ونهارهم ، لينتهي في منتصف الليل وقرب الفجر، ليبدأ ليلهم بعد ذلك، ويستمر إلى وقت الظهر، وهكذا كل يوم..!!. 
لا يشعرون بقلوبهم، ونفوسهم، وأبدانهم:كيف أنها تضمحل، وتهزل، وتضعف، ويصيبها الأمراض، الحسية والمعنوية ببطء، ولا يفيقون إلا بعد التبدل مرضا، وضيقا، وقلقا.
إبطال سنة الليل وسنة النهار: مخالفة لسنة الله تعالى في خلقه. فقد جعل الله تعالى الليل لباسا، والنوم سباتا، وجعله سكنا، وجعل النهار معاشا وحركة، وهو الحكيم الخبير، يعلم ما الذي يصلح شأن عباده في الدنيا، فإذا صادم الإنسان سنة الله الكونية، وقلب الساعات قلبا، وخالف طريق السير، وصار بمواجهة السنن، فلا يلومن إلا نفسه.
يقول الله تعالى ممتنا على عباده بنعمة الليل للسكن والنوم، ونعمة النهار للمعاش:
"هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ، إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون". 
"وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا ".
إن الذي ينام نهاره قد ضيع غنيمتين عظيمتين :
الغنيمة الأولى : واجب الله عليه: صلاة الفجر في جماعة .
والغنيمة الثانية : بركة أول النهار، الوقت الذي تقسم فيه الأرزاق، فيحرم ذلك الرزق الإلهي في يومه؛ لنومه.
فمن ضيع حق الله الواجب عليه، فلا عجب أن يعيش في: قلق، وثبور، ونقصان، وكدر. لما يجده من عقاب الله عليه، لإهماله ما وجب عليه.. أرأيتم إنسانا لا يقوم بوظيفته كما يجب، فيجد توبيخا من صاحب العمل، وربما خصم شيئا من أجرته: ألا يجد ألما في نفسه من التوبيخ، وحرمان الأجرة ؟. 
فكيف الذي يضيع حق الله تعالى؟!.
وقد دعى عليه الصلاة والسلام بالبركة، لمن اغتنم هذا الوقت، في أموره عامة، سواء كانت دنيوية أو أخروية:
(بورك لأمتي في بكورها). 
فمن ضيعه فقد حرم رزقا كان ينتظره من الله تعالى، لو أنه انطلق في نهاره مستيقظا، متطلعا لفضل الله تعالى، فإذا ضاع عليه ذلك الرزق الإلهي، فهذا من أسباب سخطه وضيق صدره .
وللشيطان سعي في حرمان الإنسان من القيام بواجبه، وتحصيل بركة اليوم، فيزين سهر الليل، بشتى الأعذار، وما أكثرها..!!. حتى تمر الساعات الطويلة ولا ينام، فإذا اقترب وقت الفجر تركه لينام عن الصلاة وعن أول النهار، فلا يستيقظ إلا ظهرا، فيكون مع الشيطان دوما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حدث فقال: 
( قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل ). 
فأمر بالنوم وقت الظهيرة، وعلل ذلك بأن الشياطين لا تنام في ذلك الوقت، فإذا نام الإنسان ذلك الوقت خالفها، وسلم من وسواسها، لكن كيف للنائم نهاره أن ينام القيلولة ؟، وكيف له مخالفتها؟، وكيف يسلم منها ؟!.

* * *

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
( من صلى الصبح في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له أجر حجة وعمرة: تامة، تامة، تامة ) رواه الترمذي .
إن قضاء الوقت بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس في الذكر، إحدى الغنائم التي يحصلها ذلك المستيقظ:
فإن له أجر حجة وعمرة تامتين. 
وفي بعض الآثار :كعتق أربعة رقاب من ولد إسماعيل. 
وفي بعضها يدخل الجنة، ويحرم على النار، ويغفر ذنبه، وإن كان مثل زبد البحر.
كل هذه الأجور وضعت، لتحمل على اغتنام هذا الوقت الفضيل، فهذه من رحمة الله تعالى؛ يدعو عباده إلى ما فيه حظهم وصلاحهم الدنيوي، بترتيب الأجور الأخروية على إجابتهم.

* * *

وقد جرت الإشادة بصلاة الفجر في القرآن والسنة: 
(1) أقسم الله بالفجر، فقال:{ والفجر * وليال عشر }؛ يعني صلاة الصبح، ورد عن ابن عباس عند ابن جرير. 
(2) أمر بإقامتها، وذكر شهودها من الملائكة، فقال تعالى: { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا }؛ أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، فإن الملائكة تتعاقب على بني آدم، فملائكة تكون بالليل، ثم يحل محلها ملائكة بالنهار، وموعد التعاقب صلاة الفجر وصلاة العصر، ولأن القراءة في الفجر جهرية، فإن الملائكة تشهدها، وإحساس المصلي بها، تشهد مع الصلاة، تحفظه بإذن الله، وتثبته، وتدعو له بالرحمة: يزيد في الإيمان، قال عليه الصلاة والسلام :
( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي؟، فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) متفق عليه. 
ولأجله كان النبي عليه الصلاة والسلام يطيلها أكثر مما يطيل غيرها، فيدخل الصلاة والظلام باق، ولا ينصرف منها، إلا والنور قد ظهر، يصلي ويقرأ قدر مائة آية.
(3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الفجر في جماعة فكأنما قام ليلة). رواه الترمذي
(4) نافلة الفجر خير من الدنيا وما عليها، قال عليه الصلاة والسلام: ( لا تتركوها ولو طردتكم الخيل ). وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهدها، ولايتركها، في السفر كان لا يصلي السنن الرواتب إلا سنة الفجر، فلم يكن يتركها أبدا، فإذا كانت ركعتا الفجر - وهي سنة- خير من الدنيا، ورسول الله يتعاهدها، كما يتعاهد الرجل بيته وأهله وأشد، فكيف بالفريضة ذاتها؟. فلا شك أن الفريضة أعظم أجرا وثوابا من السنة.
(5) جاء في بعض الآثار، كما في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح للحافظ ابن القيم الجوزية: 
أن أوقات أهل الجنة: كوقت الإسفار. وهو الوقت من انتشار النور، حتى قبيل طلوع الشمس. 
فهذا الوقت يذكر بالبقاء والدوام في الجنة، وهذا يوجب علينا أن نشهده دائما، فلو قيل: 
إن في المكان الفلاني ثمرا من ثمار الجنة، أو بيتا من بيوت الجنة. 
فنحن نتسابق للنظر إليه. فالآن قد فهمنا أن وقت الفجر، هو أشبه الأوقات بأوقات الجنة، التي ليس فيها شمس ولا زمهرير، فشهوده يسلي المؤمن، ويذهب عنه الحزن، ويرجيه في دخول الجنة.

* * *

إن صلاة الفجر أول اليوم وبدايته. والبدايات لها أثر كبير على النهايات، فكلما كانت البداية موفقة، كانت النهاية مسددة، وكلما كانت البداية متعثرة، كانت النهاية فاشلة.
فالذي يحافظ على صلاة أول النهار كاملة، من سنتها إلى فريضتها، فإنه يبدأ يومه بداية موفقة، ثم بعد ينطلق في حاجاته الدنيوية والأخروية، فيصادف من التوفيق ما لا يجد مثله، ولا جزءا منه، من نام وفاته صلاة الفجر، فإنه يقوم خبيث النفس كسلان، محروما من النجاح في يومه ذاك.
ثم صلاة العصر، وهي صلاة مقابلة لصلاة الفجر، هذه أول النهار وتلك آخرها، ففيها تجديد العهد بالإيمان والقرب من الله تعالى، وتوديع اليوم الذي لم يبق منه إلا ساعات، فمن ختم يومه بطاعة كما بدأه بطاعة، فهو في ظل التوفيق والإعانة، فإنه يرزق خير الليل، ولا يحرم بركته، فيكون من فرسانه وقوامه، من الساجدين الراكعين، فمن عمل صالحا في نهاره كوفيء في ليله، ومن عمل صالحا في ليله كوفيء في نهاره.
والكلام على العصر، يجر الكلام على فضيلة هذين الوقتين مجتمعين مقترنين:

* * *

الغدو .. والآصال.
إن في اليوم وقتين غنيمتين، أمر الله تعالى المؤمنين بذكره فيهما، كما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: 
"يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا * هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما" .
"واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولاتكن من الغافلين" .

وقد رتب الأجور العظيمة على القيام بهما، فمن ذلك: 
(1) من حافظ عليهما في المسجد: دخل الجنة وحرم على النار. قال عليه الصلاة والسلام: 
( من صلى البردين دخل الجنة ) متفق عليه. والبردان: الصبح والعصر.
وقال: (لن يلج النار أحد صلى قبل الشمس وقبل غروبها)؛ يعني صلاة الفجر والعصر. رواه مسلم. 
والعلة كما حكى العلماء في دليل الفالحين شرح رياض الصالحين:
أن صلاة الفجر في وقت النوم، وصلاة العصر في وقت العمل، فمن ترك نومه لله تعالى، ولم يلهه عمله عن ذكر الله تعالى، فهو حري بأن يدخل الجنة، ويحرم على النار.

(2) رزق أهل الجنة في الجنة، في هذين الوقتين، قال الله تعالى:
" جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا * لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ".
فقد جعل الله تعالى رزق المؤمنين في الجنة، في البكرة وهو الصباح، وفي العشي وهو العصر، جزاء لهم لما ثابروا على ذكره في البكرة والعشي، أعطاهم ثوابهم في الوقت الذي ذكروه فيه، قال تعالى:
"في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب }.
والغدو هو: البكرة. وهو الصباح، والآصال هو: العشي. وهو العصر.

(3) من أعجب الأجور وأحلاها على قلب المؤمن، المحرضة على صلاة الفجر والعصر، ذلك الحديث الذي يبشر من حافظ على هاتين الصلاتين في وقتها، بأنه يرى ربه يوم القيامة، وهذه من أعظم البشارات، ولو لم يكن من فضل المحافظة على صلاتي الفجر والعصر في أوقاتهما إلا رؤية الله تعالى لكفى، وقد كان عليه الصلاة والسلام يدعو الله تعالى أن يرزقه النظر إلى وجهه الكريم، وهو أعلى نعيم على أهل الجنة، وأقسى عذاب أهل النار حجابهم عن رؤية الله تعالى:
قال جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: ( إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، فافعلوا ). متفق عليه

* * *

وقد ورد في خصوص صلاة العصر من الفضل، أنها ذكرت في القرآن بالأمر بالحفاظ عليها، فقال تعالى: 
"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين".
والصلاة الوسطى هي صلاة العصر، ورد عن علي وابن عباس وغيره ، فقد أمر الله بالحفاظ عليها خاصة.
والشارع حذر من التهاون في صلاة العصر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
( من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله ) رواه البخاري .
فهذا تهديد شديد، اختلف العلماء في تفسيره، وأهون أقوالهم أنه من باب التغليط، وأشدها أن تارك الصلاة عمدا يكفر، كما ورد عن الإمام أحمد( دليل الفالحين صـ237) . وقوله عليه الصلاة والسلام : 
( من فاتته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله )؛ أي فقدهم، ففقده لصلاة العصر أشد من فقده لأهله وماله.

* * *

هذان الوقتان زاد المؤمن، يتزود فيهما ليومه وليله من القوت الإيماني، لينطلق في سرور وفرح، وفيهما معنى خاصا: 
فالصبح أول اليوم، وهو يذكر بالبداية: بداية الإنسان، وبداية الدنيا، وبداية كل شيء. فيبدأ المؤمن بذكر الله في ذلك الوقت، يسأله الإعانة، ويستعيذ به من الخذلان والشيطان. وهو وقت هواؤه طيب، وفيه السكون والهدوء، الذي يطلب في الأسفار والرحلات، فإذا اجتمع الهدوء والسكون، مع طيب الهواء، ووافق فيه ذكر الله، وسؤاله، فإن القلب يكون أكثر حضورا واستشعارا وخشوعا، ومن ثم ينتفع بذلك الذكر انتفاعا عظيما.
والعصر آخر اليوم، وهو يذكر بالنهاية: نهاية الإنسان، ونهاية الدنيا، ونهاية كل شيء. كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بين أصحابه بعد صلاة العصر، والشمس آخذة في الغروب بين الجبال، فقال: 
( ما بقي من عمر الدنيا إلا كما بقي من عمر هذا اليوم ) .
وهكذا يتذكر المؤمن، وهو يذكر الله تعالى، في ساعة العصر: أن كل شيء فان، ولا يبقى إلا وجه الرب جل شانه. فحينذاك يخشع، ويزول من قلبه وساوس الدنيا، ويعلم أن الفناء وتلك النهاية ستلحقه، فإذا وقر في قلبه الموت وزوال الدنيا وصادفه ذكر الله تعالى، فإنه سيجد إيمانا عظيما يدفعه إلى العمل وترك الكسل والعصيان.

* * *

والأذكار التي تقال في هذين الوقتين، تسمى في أقوال العلماء بأذكار الصباح والمساء، فمنها:
- التسبيح مائة مرة. (بكرة وأصيلا)
- ومنها التهليل مائة مرة. (بكرة) 
- التهليل عشرة. (بكرة وأصيلا)
- والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر مرات. (بكرة وأصيلا)
- وقراءة المعوذات ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا)
- وقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا)
- وقول : رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا) 
- وقول : سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. ثلاث مرات. (بكرة وأصيلا)
- وسيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وعلى عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. (بكرة وأصيلا).

* * *

الحقيقة أن هاتين الصلاتين فيهما من الأسرار والمعاني ما تملؤ قلوبنا إيمانا ويقينا، وتبث في الأرواح العزيمة لاغتنامها:
- فكل مسلم محتاج إلى ما فيها ليسعد. 
- وكل داعية إلى الله تعالى فقير إلى ما فيها ليثبت. 
فمن لم يكن من المحافظين على الصلاتين ، فكيف يكون مصلحا للناس داعيا لهم، بل الواجب في كل من حمل هم الإصلاح ودعوة الناس: أن يكون أسبق الناس إلى هاتين الصلاتين خصوصا. لا يلهيه عن ذلك شيء . 
 بَرَكَةُ الْبُكُورِ وقِلَةُ الخُمُوُلِ



بسم الله الرحمن الرحيم


إن ثورة مصر في الخامس والعشرين من يناير، ثورة مباركة إذ عدها العلماء من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند السلطان الجائر، ولكن كان من الواجب عليها أن تكون ثورة على الأخلاق والسلوك أول ما تكون، لا ثورة على الحكام الظلمة فحسب، فالأخلاق المخالفة لمنهاج الإسلام، هي الظلم بعينه وهي التي أودت ببنيان المجتمع، وأهلكت قوائمه ودعائمه.
فكان الواجب على هذه الثورة أن تتمثل أخلاق النبي  صلى الله عليه وسلم  لأنه هو لا غيره الحريص على أن تكون شخصية المسلم جامعة لكل خصال الخير، من الإيمان والعلم والشجاعة والصبر والمجاهدة والرحمة والحرص على كل ما ينفعها، مستعينة بالله تعالى، غير عاجزة ولا كسولة.
وعلى مستوى العالم الإسلامي يفخر المسلمون في الأرض قاطبة بالصحوة الإسلامية الشاملة في الوقت الذي يصحو فيه كثير منهم بعد الساعة العاشرة صباحًا وقد أضاعوا وقت السحر بالسمر، والبكور في الخدور!.
في حين أن نبيهم  صلى الله عليه وسلم  كان حريصًا على جلب الخير كله لهم، كما كان حريصًا على إبعاد أي شر عنهم، لذا؛ كان أمره ونهيه هو المصلحة التامة، ومن المصلحة التي أمرنا بها  صلى الله عليه وسلم ؛ أن ننام باكرًا ونصحو باكرًا، ومن الشر الذي نهانا عنه السهر لوقت متأخر من الليل.
وإنه من دواعي الأسى والحسرة على المجتمع العربي المسلم أن نراه ساهرًا وسامرًا بالليل حتى إذا ما طلع الفجر نام حتى منتصف النهار، وهو في أمَسِّ الحاجة للعمل والإنتاج والجهد الجهيد من أجل بناء حضارته التي تنتظرها الدنيا، ولكنَّ الواضح أن الدنيا سوف تنتظر طويلا!.
ففي ظل الحياة المعاصرة التي تسير بنا وفق منهاج الغرب فقدنا هويتنا في الاستيقاظ والنوم، فهناك شرائح كبيرة من المجتمع ينامون في أعمالهم ومصالحهم فالموظف ينام في عمله، والطالب ينام في مدرسته، والسائق ينام على عجلة القيادة، ناهيك عن كثرة التثاؤب من شريحة أخرى كبيرة في المجتمع، والتي تصيب الملتزمين بسنة النبي  صلى الله عليه وسلم  بالكآبة واليأس.
والعجيب أن نرى دول الغرب تنبهت لذلك فأصبحوا وقد جعلوا طريقة الإسلام في هذه الجزئية منهجًا لهم وبخاصة ألمانيا وفرنسا وانجلترا حيث يبدءون الدوام في أعمالهم بجد ونشاط من الساعة السادسة صباحًا.
وجولدا مائير حينما سئلت متى سينتصر المسلمون علينا أجابت إذا رأيت المسلمين في صلاة الفجر كما هم في صلاة الجمعة فهذا يوم هزيمتنا وانتصارهم.
لذا وجب علينا أن نراجع أسلوب حياتنا ومعيشتنا أفرادًا وجماعات، أي لا بد من قرارات حاسمة للفرد في تغيير أسلوب حياته، فالمسلم الحق هو الذي يُكيف حياته ونظامه وفق تعاليم الإسلام بحيث لا يدع نشاطًا من أنشطة حياته إلا ويجعله سائرًا على منهج الله. 
ولا بد للجماعة المتمثلة في الدول وحكوماتها أن توفر الثقافة اللازمة لهذا المنهاج الرباني، فدولة الإسلام الحق هي التي تصبغ حياة رعاياها كلها وفق منهاج القرآن والسنة، وتيسر لهم سلوك سبيل الإسلام بلا إفراط ولا تفريط.
ومن رحمة الله تبارك وتعالى بالبشر جميعًا أن جعل الليل للنوم والراحة والدعة والسكون، وجعل النهار للعمل والكد والسعي على الرزق، فهل من شاكر لله تعالى على نعمائة؟! وهل من حريص على تطبيق منهاج الله في هذا الكون؟! قال تعالى: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} القصص 73، وقال أيضًا: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} الروم23، وقال أيضًا: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} غافر 61، وقال أيضًا: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} الأنعام 96، وقال أيضًا {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} الفرقان 47، وقال أيضًا: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} النبأ9 – 11.
بعد هذا كله تجد كثيرًا من الناس لا يفهمون هذه الحقيقة ويتحدون السنن الكونية بالسهر ليلاً والنوم نهارًا، بل لا يهتدون بهدي نبيهم  صلى الله عليه وسلم .
فقد كان من هديه  صلى الله عليه وسلم  أن ينام بعد العشاء ليستطيع قيام الليل والنهوض مبكرًا لصلاة الفجر، فقد حدث أبو برزة الأسلمي أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ العشاء وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا»([1]) 
وكان من هديه أيضًا أنه إذا أراد إبرام أمر أو فعل شيء ذا بال كسفر أو حرب أو بعث السرايا فإنه يفعله من أول النهار، ودعا لأمته بالبركة في بكورها، فعن صخر بن وداعة قال: قال  صلى الله عليه وسلم : «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»([2]).
وقد نفذ الصحابة أمر حبيب قلوبهم  صلى الله عليه وسلم  والذي كان حبه عندهم طاعة وامتثلاً فقد كان صخرٌ هذا صحابيًا جليلاً تاجرًا وكان على الهدي الذي أمر به  صلى الله عليه وسلم  فكان يبعث تجارته من أوّل النّهار، فأثرى وكثر ماله.
فالبكور بركة وزيادة ونماء لخيري الدنيا والآخرة، والسهر شقاء وتعب وقلة في الدنيا والآخرة، تلك البركة التي لم نعد نجد لها أثرًا في حياتنا، وتناسينا الأخذ بأسبابها، والتي كانت سببًا في رفعة سلفنا الصالح وقيادتهم للعالم.
فها هو عمر رضي الله عنه يضرب الناس على السمر بعد العشاء ويقول مستنكرًا: أسُمَّرًا أول الليل ونوَّمًا آخره!؟ أريحوا كُتَّابكم([3])، يعني؛ أريحوا الملائكة الذين يحصون أعمالكم ويكتبونها في صحائفكم. 
وكان ابن عمر يقول: من قرض بيت شعر بعد العشاء لم تقبل له صلاة حتى يصبح. ([4])
ومر عبد الله بن عمرو على رجل بعد صلاة الصبح وهو نائم فحركه برجله حتى استيقظ وقال له أما علمت أن الله يطلع هذه الساعة إلى خلقه فيدخل ثلة منهم الجنة برحمته. ([5])
قال ابن القيم: «ونوم الصبحة يمنع الرزق، لأن ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها، وهو وقت قسمة الأرزاق، فنومه حرمان إلا لعارض أو ضرورة، وهو مضر جدًا بالبدن لإرخائه البدن، وإفساده للفضلات التي ينبغي تحليلها بالرياضة، فيحدث تكسرًا وعِيًّا وضعفًا. وإن كان قبل التبرز والحركة والرياضة وإشغال المعدة بشيء، فذلك الداء العضال المولِّد لأنواع من الأدواء»([6])
فالنائم إلى ما بعد صلاة الفجر يصبح خبيث النفس كسلان، ومن استيقظ ساعتها يصبح نشيطًا كما قال  صلى الله عليه وسلم : «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ»([7])
كما أن من قام في البكور وصلى الفجر فهو في ذمة الله، وكفى بها نعمة، قال  صلى الله عليه وسلم : «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ»([8]) فأي فضل وأي خير أعظم من هذا الفضل.
بل تعدى الأمر إلى الآخرة، أي أمر الجنة والنار؛ فقد قال  صلى الله عليه وسلم : «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا»([9]) يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ، فهل بعد ذلك يريد أحدُ أن يسهر الليل وينام النهار، ويدخل النار مع الداخلين!
ولا ننسى في هذا المقام أن نذكر بالفوائد العلمية للاستيقاظ مبكرًا فالجو في ساعات الفجر الباكر يكون ممتلئًا بأعلى نسبة من غاز الأوزون الذي يتناقص تدريجيًا حتى يضمحل عند طلوع الشمس ويكون الكورتيزون في أعلى نسبة في الدم وهو المادة التي تزيد من فعالية الجسم حيث يعيد الدورة الدموية والتنفس إلى نشاطهما كما كانا قبل النوم، أي قبل تباطئهما، فغاز الأوزون الناتج عن تكاثف ثلاث ذرات من الأوكسجين في وقت البكور يعتبر من المطهرات، إذ يعقم الجو وما لامسه، ومن المعلوم أن إحدى الطرق المتبعة لتعقيم المياه في مصافيها هي استعمال غاز الأوزون، وأكثر ما يكون الجو الأرضي غنيًا بهذا الغاز هو وقت البكور وهو الساعة الأولى من الصباح والتي تسبق شروق الشمس وهو الأنفاس الأولى التي تطلقها رئتا الصبح الوليد، قال تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير18] فالله يقسم بالصبح وأنفاسه الأولى وفي آية أخرى {وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر1-2]، وهكذا فالبكور وقت مبارك للعمل والإبداع، وقد أثبت العلم أن هنالك طاقة عظيمة تهبط من السماء إلى الأرض وتدخل عبر نقرة الإنسان وهي المكان المقعر كالمرآة والتي تستقطب وتركز الضوء وتجمعه وهي متواجدة عند التقاء الرأس مع العنق في الخلف.
كما أن كثرة السهر وعدم أخذ القسط الكافي من النوم  يؤدي إلى ظهور أعراض وأمراض أخرى منها: التعب والصداع والغثيان واحمرار العينين وانتفاخهما والتوتر العصبي والقلق وضعف الذاكرة والتركيز وسرعة الغضب والألم في العضلات وبعض المشكلات الجلدية كالبثور وغيرها.
والأمة اليوم لم تضيع البركة في وقت البكور فحسب، بل إن الزمن كقيمة مفقود فالمواعيد قابلة للتمدد بلا حدود، في حين أن رسالته  صلى الله عليه وسلم  وتعاليمه وسنته كان من شأنها أن تجعل من المسلمين مالكين أقوياء لزمام العصر بلغته واختراعاته وأدواته وهو الجزاء الأوفى لكدحه  صلى الله عليه وسلم  طوال ثلاث وعشرين عامًا أدى فيها الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة، ودعا لها ببركة البكور.
فللوقت إجمالا قيمة عظيمة لا تضاهيها أية قيمة أخرى في الإسلام حيث قال  صلى الله عليه وسلم : «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ»([10]) حيث ربط بين العمر (الوقت) من جهة وبين العمل من جهة أخرى كسمة من سمات الحياة الدنيا، والإنسان في تنافس خاسر أمام الوقت فهو مهما ابتكر واخترع لن يستطيع أن يدفع عقارب الساعة إلى الوراء ولو ثانية، وكل ما في الحياة قابل للخسارة والربح إلا في الوقت فإنه خاسر لا محال، وسورة العصر في موجز آياتها ومختصر أحكامها ومفرداتها المنتخبة تعبر عن هذا الصراع بين الإنسان والوقت في هذه الحياة الموجزة {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ*} [العصر بتمامها].
وبدلا من أن تحث الثورة المصرية على العمل والكفاح من أجل رفعة البلاد جاءت بالإجازات والعطلات والراحات، وبدلا من أن نكتفي بيوم الجمعة للراحة، ونعمل ونكد باقي الأسبوع، جاءت الثورة بيومي الجمعة والسبت للراحة، وهذا مما نأسف له في ظل الظروف الاقتصادية المتردية للبلاد!.
ومن العجيب أن ترى بلدًا مثل اليابان يمتنع شعبها عن أخذ يوم أجازة إضافي قررته الحكومة ويأبون عليها ذلك، وفي حين أن المتهم في بلادنا يعاقب بالأشغال الشاقة تجد في اليابان (المنع من العمل) عقوبة قصوى للمتهم!.
إن الانسجام والتوافق مع تعاليم الإسلام التي تجعل الليل سكنًا وراحة، والنهار عملاً وسياحة، فيه الخير للفرد والمجتمع على السواء لأنه النظام الذي رتبه الخالق جل وعلا ووضعه بنفسه {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك 14]
ومن العيب على الإنسان وقد علم سبيل الهدى من الله تعالى أن يخالفه أو يتعلل بعلل ليست من الفهم أو الفقه في شيء.

إذا كنت في أمر فكن ذا عزيمة  ----  فإن فساد الأمر أن تترددا([11])

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه.

--------------------------
([1]) رواه البخاري 547، مسلم 647، أبو داود 398، النسائي 948، ابن ماجة 674.  
([2]) رواه أبو داود 2606، الترمذي 1212، ابن ماجة 2236، صحيح الترغيب والترهيب 1693.ه
([3]) كما في فتح الباري على شرح حديث رقم 599.
([4]) كما في تفسير القرطبي تفسير سورة المؤمنون آية 67.
([5]) الحلية  1/290           
([6]) زاد المعاد 4/222.
([7]) رواه البخاري 1142، مسلم 776، أبو داود 1306، النسائي 1607، ابن ماجة 1329. 
([8]) رواه مسلم 675، الترمذي 222.      
([9]) رواه مسلم 634، أبو داود 427، النسائي 471، ابن ماجة 674. 
([10]) رواه الترمذي 2417، الدارمي 537، السلسلة الضعيفة 1922.
([11]) البيت لأبي جعفر المنصور بتصرف.    

البكور (مفاتيح الرزق)

أسباب سعة الرزق (( البكور والتبكير إلى طلب الرزق )) 
بسم الله  الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا متقبلا أرنا الحق حقا وارزقنا أتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه نسألك علم الخائفين منك وخوف العالمين بك وبعد:



 في دروس مفاتيح الرزق نحن نتحدث في أسباب سعة الرزق ما هي الأعمال التي إذا عملتها تكون طرقت باب الله تعالى الرزاق حتى يوسع لك أرزاقك الأمر الأول تقوى الله تعالى والأمر الثاني صلة الرحم والأمر الثالث الاستغفار ثم الاستغفار ثم الشكر ثم الإنفاق في سبيل الله  .



ودرسنا اليوم من أسباب سعة الرزق : ((البَكور والتبكير إلى طلب الرزق))


الأسواق التجارية أيها الإخوة في بعض الدول الشرقية في الساعة السادسة صباحا تجدون حركة عجيبة في تلك الأسواق ،حدّث بعض الإخوة ولعل بعضكم رآها في الصين في الساعة السادسة ممكن تنزل لتتسوق أو تزور بعض المعامل .
أخبرني طبيب اختصاصه في جراحة العين كان في مؤتمر في بلد أوربي قال لي أستاذ أتدري في أي ساعة كانت تبدأ المحاضرات في الصباح في المؤتمر، أطباء متخصصون لكن في مؤتمر لزيادة التنمية العلمية قال لي في الساعة الخامسة صباحا أنت تبدأ أول محاضرة 
البكور يا أيها الإخوة فيه بركة وحسبكم أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم قال : ((بورك لأمتي في بكورها)) [الطبراني]



في بركة يلمسها الناس العاملون، الأطباء في المشافي يتنافسون على حجز غرفة العمليات في الساعات الباكرة ،حتى جسم الإنسان في عياداتنا ، قرأنا ونحن في الدراسة أنّ الأفضل لمن أراد أن يقلع سنا ، قلع السن (عمل جراحي ) الأفضل أن يكون في الصباح الباكر يعني الذي يقلع السن الساعة الثامنة صباحا أفضل بكثير من الذي يقلع الضرس  في الساعة الثامنة مساء  أو الساعة الثانية بعد الظهر ،هناك بركة حتى في جسم الإنسان يشعر به طالب الدراسة الذي يدرس في ساعات الفجر الباكر يجد بركة كبيرة في هذه الساعات الباكرة ،حافظ القرآن الذي يريد أن يحفظ ويراجع في ساعات البكور في بركة كبيرة الشباب الذين اعتادوا على الاستيقاظ الباكر أجسامهم تخدمهم في سنوات الشيخوخة الكبيرة أكثر من الشباب الذين اعتادوا على الاستيقاظ في الساعة التاسعة أو الساعة العاشرة صباحا البكور بركة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقيل ما زال نائم حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال ذاك رجل بال الشيطان في أُذنه ، النبي صلى الله عليه وسلم حدّث عن أناس يستيقظون متأخرين قال يصبح خبيث النفس كسلان.



 الآن أسواقنا التجارية الجيدة وهذه عادة جديدة وسيئة، الحقيقة هكذا ،تفتح في الساعة العاشرة صباحا أو الحادية عشرة صباحا ،كان هناك عادة عند تجار الشام عند علماء الشام الذين يعملون في أسواق تجارية أنهم إذا صلّوا الصبح وخرجوا إلى محلاتهم ، كان كل واحد من الشيوخ و العلماء هكذا يتاجر في هذه الطريقة بعد صلاة الفجر يقرأ ورده ويذهب إلى العمل يبيع ويشتري إلى الساعة العاشرة صباحا أو الحادية عشرة إذا جمع رزق يومه أغلق محله ، لي قريب أنا أعلمه من عشرين أو ثلاثين سنة  يعمل بهذا العمل يبدأ عمله من الفجر إلى الساعة العاشرة أو الحادية عشرة صباحا ينتهي عمله ، سبحان الله، الله موسّع عليه في الرزق. درّب نفسك على مباشرة نهارك في ساعات الفجر الباكر الآن أنتم تشاهدون هؤلاء الشباب الذين يأتون من الأرياف غالبا ، يمسحون سيارات الناس أمام بيوتهم ، أظنّ أن عددا منكم تُمسح له هذه السيارة أمام داره ويعطيه أجره ، احد هؤلاء الشباب هو من قرية بعيدة عن الشام ، قبل صلاة الفجر يُباشر عمله في الساعة التاسعة صباحا ينتهي عمله وما شاء الله مدخوله الشهري عالي، صدّقوا بأن رجلا طلب إليه أن يمسح له سيارته سأل هذا الشاب قال له والله أنا أعتذر أنا مشغول، الساعة التاسعة ينتهي دوامه ،وبالمقابل هناك  شباب ما زالوا نائمين إلى التاسعة أو العاشرة ، أحد الأيام دخلت على محل في الساعة الواحدة ظهرا ثم دخل عليه رجل بعدي يقول له (صباح الخير ) الساعة الواحدة صباحا ويقول له صباح الخير ، يا رجل انتهى النهار ،ووزِّعت الأرزاق ،انتهت الأعمال.



 يا أيها الأخوة درّبوا أنفسكم على المباكرة إلى أعمالكم ، الآن يجوز أن يأتي رجل يقول : أنا أنزل إلى المحل الساعة السابعة لكن لا يوجد أحد ،أنت يا أخي اذهب طلبا للبركة صِدقا يا إخوة إذا اعتاد الناس على انك  تفتح من السابعة باكرا تأتيك أرزاق عجيبة ،يوجد محلات موجودة في ساحة المرجة محلات (بزر وفستق وبندق) بالله عليكم أحد بينكم يخطر على باله ينزل الساعة السادسة صباحا  ويشتري فستق وبندق ، كانت لي عيادة هناك ، أشاهدهم الساعة السابعة صباحا ومحلاتهم مفتوح ، الله أكبر كم مرزوقين هذه الجماعة وكأن أهل البلد تعارفوا على أن هؤلاء يفتحون باكرا  وحتى الغرباء عن البلد الذين يأتون من الأردن أو بيروت ،تعارفوا أن هذا المحل يفتح باكرا  الآن إذا هناك مجموعة سياحية، تجد عنده حوالي أربعين شخصا يشترون من عنده ،بورك لأمتي في بكورها صدّقوا أنا أفتح عيادتي في الساعة الثامنة والنصف صباحا أنا أتمنى لو أستطيع أن أفتح في الساعة السابعة لكن لا أستطيع لأن  صوت كرسي جهاز الإرسال عندما يعل يزعج الجوار يزعجهم هذا الصوت ،ولكن كان بعض الإخوة أصدقائي ،هم أيضا أطباء أسنان يفتحون الساعة الحادية عشرة يقولون لي: لماذا تنزل باكرا،صدّقوا أن المرضى الذين يأتون من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة العاشرة صباحا أو العاشرة والنصف أكثر من الذين يأتون من الساعة العاشرة والنصف إلى الواحدة ظهرا، بورك لأمتي في بكورها الآن أنت يمكن أن تنزل إلى محلك لا يأتيك زبائن ، افتح المصحف اقرأ احفظ القرآن الكريم أنا أعرف شاب حفظ القرآن الكريم خلال سنة كان يُفرّغ من وقته ساعة ،خلال سنة حفظ القرآن الكريم كاملا ، مهندس عمره ستون سنة حفظ القرآن كاملا عمره ستون سنة، بدأ الحفظ في اثنتين وستين سنة وحفظ القرآن كاملا في سنتين قلت له :كيف ؟ قال لي :كل يوم بعد صلة الفجر ساعة لحفظ القرآن كاملا بورك لأمتي في بكورها ، أنت نائم ،وغيرك حفظ القرآن الكريم ،أنت نائم وغيرك أخذ أرزاقه ، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم : مرة عاد إلى بيته فشاهد السيدة فاطمة قالت:  مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضجعة فحركني ثم قال يا بنيّة قومي اشهدي رزق ربك ولا تكوني من الغافلين فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.[البيهقي]



 وأنت نائم والأرزاق تتوزع قال أنا لا أنام إلا إلى الساعة الواحدة ليلا طبعا مستيقظ الساعة العاشرة ولكن إذا استيقظت باكرا ستنام أنت وزوجتك وأولادك ستنامون باكرا ثم هناك أيضا دراسات طبية أيها الأخوة عن موضوع الاستيقاظ المبكر فعلى سبيل المثال غاز الأزون موجود في ساعات الفجر الباكر إلى بداية طلوع الشمس ، هذا الغاز مفيد جدا لنتشيط الدماغ وتنشيط خلايا الدماغ ، وهناك بالجسم هرمون اسمه الكورتيزون يعطي نشاط حيوي للجسم ، هذا أكثر ساعات يفرز به  هي ساعات الفجر الباكر في خير كبير لجسمك حتى  في موضوع الاستيقاظ الباكر لذلك اجتهد أن تستيقظ باكرا. 
لقد بلغنا عن الشيخ المحقق جلال الدين المحلي هذا الشيخ بعضكم يعرفه لكن لا يعرف أن هذا  اسمه ،أظن كلكم سمعتم بكتاب تفسير اسمه (تفسير الجلاليين) ، هؤلاء مؤلفي تفسير الجلاليين ، شخصين كل واحد اسمه جلال الدين أحدهم اسمه جلال الدين السيوطي والآخر اسمه جلال الدين المحلي ، بلغنا عن الشيخ المحقق جلال الدين المحلي أنه كان يفتح حانوته من بكرة النهار من صلاة الصبح فيبيع الناس القماش يبيع أقمشة ويقول إنما أُبكّر بالسوق اغتناما لدعاء سيدا محمد صلى الله عليه وسلم بالبركة لمن يبكر في طلب رزقه ودعائه صلى الله عليه وسلم لا يُرد ، ثم يُغلق حانوته ويرجع إلى الجلوس للإقراء.



 النبي صلى الله عليه وسلم دعا لك بالبركة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 (( إذا صليتم الفجرَ فلا تناموا عن طلبِ أرزاقِكم فإن هذه الأمة قد بورك لها في بكورها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأمتي في بكورها النبي صلى الله عليه وسلم يدعي لك بالبركة أنت ألا تتمنى رجل من الصالحين يدعو لك ؟ رأس الصالحين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يدعو لك لكن حضرتك لا تريد أن تُبكّر ،اللهم بارك لأمتي في بكورها وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم أول النهار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تناموا عن طلب أرزاقكم فيما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس)) [الديلمي عن أنس]



وقال : ((باكروا في طلب الرزق والحوائج فإن الغدو بركة ونجاح)) [الطبراني في الأوسط ، وابن عدى عن عائشة] 
خلاصة هذا الكلام يا أيها الأخوة أن تدرّب نفسك على المباكرة إلى الرزق لا يوجد عندك عمل افتح كتابا ما عندك عمل افتح القرآن الكريم يا أخي ما عندك عمل اذهب و زر والدتك ربع ساعة قبل أن تنزل إلى محلك اذهب وزر أرحامك أنا أعرف أشخاص يذهبون يزورون أرحامهم في الساعة السادسة صباحا ،وأحيانا يوقظوهم من النوم لكنهم تعوّدوا عليه هو يزورهم الساعة السادسة صباحا يتصل بهم ،والحقيقة أنا أحيانا أزور أقاربي ،ما هذا الضيف على فجأة يأتيهم ؟ اتصل بهم أقول لهم أنا قادم وهم يعرفون ما عندي وقت غير هذا، صدّقوا لا أنا أنسى هذه الزيارة ولا هم ينسونها يا أيها الأخوة  البكور في طلب الرزق بركة الآن أنا أريد منك إذا أنت كنت تفتح محلك الساعة العاشرة أن  تُبكّر ساعة أو ساعتين ،امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم .



وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين

0 comments: